ويعجب رِيحهَا وَعلم أَنه لَا يُمكنهُ الاستبداد بهَا فَدَعَا أَصْحَابه فَرَأَوْا مَا لم يروه أبدا قبل ذَلِك فأمعنوا فِي الْأكل عقيب مجاعَة فانقلبوا فهلكوا عَن آخِرهم فبادر التُّجَّار إِلَى أَخذ أَمْوَالهم وأمتعتهم وسلاحهم واستردوا الْمَأْخُوذ عَن آخِره فَلم أسمع بِأَعْجَب من هَذِه المكيدة محت أثر العاتين وحصدت شَوْكَة المفسدين
وَقَالَ مؤلف الْكتاب وَحدثت أَن بعض التُّجَّار قدم من خُرَاسَان ليحج فتأهب لِلْحَجِّ وَبَقِي مَعَه من مَاله ألف دِينَار لَا يحْتَاج إِلَيْهَا فَقَالَ أَن حملتها خاطرت بهَا وَأَن أودعتها خفت جحد الْمُودع فَمضى إِلَى الصَّحرَاء فَرَأى شَجَرَة خروع فحفر تحتهَا ودفنها وَلم يره أحد ثمَّ خرج إِلَى الْحَج وَعَاد فحفر الْمَكَان فَلم يجد شَيْئا فَجعل يبكي ويلطم وَجهه فَإِذا سُئِلَ عَن حَاله قَالَ الأَرْض سرقت مَالِي فَلَمَّا كثر ذَلِك مِنْهُ قيل لَهُ لَو قصدت عضد الدولة فَإِن لَهُ فطنة فَقَالَ أويعلم الْغَيْب فَقيل لَهُ لَا بَأْس بِقَصْدِهِ فَأخْبرهُ بِقِصَّتِهِ فَجمع الْأَطِبَّاء وَقَالَ لَهُم هَل دوايتم فِي هَذِه السّنة أحدا بعروق الخروع فَقَالَ أحدهم أَنا داويت فلَانا وَهُوَ من خواصك فَقَالَ عَليّ بِهِ فجَاء فَقَالَ لَهُ هَل تداويت فِي هَذِه السّنة بعروق الخروع قَالَ نعم قَالَ من جَاءَك بِهِ قَالَ فلَان الْفراش قَالَ عَليّ بِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ من أَيْن أخذت عروق الخروع فَقَالَ من الْمَكَان الْفُلَانِيّ فَقَالَ اذْهَبْ بِهَذَا مَعَك فأره الْمَكَان الَّذِي أخذت مِنْهُ فَذهب مَعَه بِصَاحِب المَال إِلَى تِلْكَ الشَّجَرَة وَقَالَ من هَذِه الشَّجَرَة أخذت فَقَالَ الرجل هَهُنَا وَالله تركت مَالِي فَرجع إِلَى عضد الدولة فَأخْبرهُ فَقَالَ للْفراش هَلُمَّ بِالْمَالِ فَتَلَكَّأَ فأوعده فأحضر المَال وروى أَبُو الْحسن بن هِلَال بن المحسن الصابي قَالَ حكى السلَامِي الشَّاعِر قَالَ دخلت على عضد الدولة فمدحته فأجزل عطيتي من الثِّيَاب وَالدَّنَانِير وَبَين يَدَيْهِ حسام خرواني فرآني ألحظه فَرمى بِهِ إِلَيّ وَقَالَ خُذْهُ فَقلت
1 / 52