فتعال إِلَيّ بعد الْعشَاء إِذا غفل النَّاس فِي الظلمَة فَإِنِّي خلف الْبَاب ثمَّ قَامَ وحفر حُفْرَة طَوِيلَة خلف الْبَاب ووقف لَهُ فَلَمَّا جَاءَ التركي فتح لَهُ الْبَاب فَدخل فَدفعهُ الرجل فَوَقع فِي الحفرة وطموا عَلَيْهِ وَبَقِي أَيَّامًا لَا يدْرِي مَا خَبره فَسَأَلَ عَنهُ عضد الدولة فَقيل لَهُ مَا لنا فِيهِ خبر فَمَا زَالَ يعْمل فكره إِلَى أَن بعث يطْلب مُؤذن الْمَسْجِد المجاور لتِلْك الدَّار فَأَخذه أخذا عنيفًا فِي الظَّاهِر ثمَّ قَالَ لَهُ هَذِه مائَة دِينَار خُذْهَا وامتثل مَا آمُرك إِذا رجعت إِلَى مسجدك فَإِذن اللَّيْلَة واقعد فِي الْمَسْجِد فَأول من يدْخل عَلَيْك ويسألك عَن سَبَب أنفاذي إِلَيْك فَأَعْلمنِي بِهِ فَقَالَ نعم فَفعل ذَلِك فَكَانَ أول من دخل ذَلِك الشَّيْخ فَقَالَ لَهُ قلبِي إِلَيْك ولاي شَيْء أَرَادَ مِنْك عضد الدولة فَقَالَ مَا أَرَادَ مني شَيْئا وَمَا كَانَ إِلَّا الْخَبَر فَلَمَّا أصبح أخبر عضد الدولة بِالْحَال فَبعث إِلَى الشَّيْخ فَأحْضرهُ ثمَّ قَالَ لَهُ مَا فعل التركي فَقَالَ صدقك لي امْرَأَة ستيرة مستحسنة كَانَ يراصدها وَيقف تَحت روزنتها فضجت من خوف الفضيحة بوقوفه فَفعلت بِهِ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ اذْهَبْ فِي دعة الله فَمَا سمع النَّاس وَلَا قُلْنَا
وَذكر مُحَمَّد بن عبد الْملك الْهَمدَانِي فِي تَارِيخه أَنه بلغ إِلَى عضد الدولة خبر قوم من الأكراد يقطعون الطَّرِيق ويقيمون فِي جبال شاقة فَلَا يقدر عَلَيْهِم فاستدعى أحد التُّجَّار وَدفع إِلَيْهِ بغلًا عَلَيْهِ صندوقان فيهمَا حلوى قد شيبت بالسم وَأكْثر طيبها وَترك فِي الظروف الفاخرة وَأَعْطَاهُ دَنَانِير وَأمره أَن يسير مَعَ الْقَافِلَة وَيظْهر أَن هَذِه هَدِيَّة لإحدى نسَاء أُمَرَاء الْأَطْرَاف فَفعل التَّاجِر ذَلِك وَسَار أَمَام الْقَافِلَة فَنزل الْقَوْم وَأخذُوا الْأَمْتِعَة وَالْأَمْوَال وَانْفَرَدَ أحدهم بالبغل وَصعد بِهِ مَعَ جَمَاعَتهمْ إِلَى الْجَبَل وَبَقِي المسافرون عُرَاة فَلَمَّا فتح الصندوقين وجد الْحَلْوَى يضوع طيبها ويدهش منظرها
1 / 51