وكل خير عندنَا من عِنْده فَقَالَ عضد الدولة ذَاك أَبوك فَبَقيت متحير لَا أَدْرِي مَا أَرَادَ فَجئْت أستاذي فشرحت لَهُ الْحَال فَقَالَ وَيحك قد أَخْطَأت عَظِيمَة لِأَن هَذِه الْكَلِمَة لأبي نواس يصف كَلْبا حَيْثُ يَقُول
(أَنعَت كَلْبا أَهله فِي كده ... قد سعدت جدودهم بجده)
(وكل خيرعنده من عِنْده ...)
قَالَ فعدت متوشحًا بكساء فوقفت بَين يَدي الْملك فَقَالَ مَالك فَقلت حممت السَّاعَة فَقَالَ هَل تعرف سَبَب حماك قلت نظرت فِي ديوَان أبي نواس فَقَالَ لَا تخف لَا بَأْس عَلَيْك من هَذِه الحما فسجدت بَين يَدَيْهِ وانصرفت وروى أَبُو الْحسن بن هِلَال ابْن المحسن الصابي فِي تَارِيخه قَالَ حَدثنِي بعض التُّجَّار وَقَالَ كنت فِي المعسكر وَاتفقَ أَن ركب السُّلْطَان جلال الدولة يَوْمًا إِلَى الصَّيْد على عَادَته فَلَقِيَهُ سوَادِي يبكي فَقَالَ مَالك فَقَالَ لَقِيَنِي ثَلَاثَة غلْمَان أخذُوا حمل بطيخ كَانَ معي وَهُوَ بضاعتي فَقَالَ امْضِ إِلَى المعسكر فهناك قبَّة حَمْرَاء فَاقْعُدْ عِنْدهَا وَلَا تَبْرَح إِلَى آخر النَّهَار فَأَنا أرجع وَأُعْطِيك مَا يُغْنِيك فَلَمَّا عَاد السُّلْطَان قَالَ لبَعض شِرَائِهِ قد اشْتهيت بطيخًا ففتش الْعَسْكَر وخيمهم على شَيْء مِنْهُ فَفعل وأحضر الْبِطِّيخ فَقَالَ عِنْد من رَأَيْتُمُوهُ فَقيل فِي خيمة فلَان الْحَاجِب فَقَالَ أحضروه فَقَالَ لَهُ من أَيْن هَذَا الْبِطِّيخ فَقَالَ الغلمان جاؤوا بِهِ فَقَالَ أريدهم السَّاعَة فَمضى وَقد أحس بِالشَّرِّ فهرب الغلمان خوفًا من أَن يقتلُوا وَعَاد فَقَالَ قد هربوا لما علمُوا بِطَلَب السُّلْطَان لَهُم فَقَالَ أحضروا السوادي فأحضر فَقَالَ لَهُ هَذَا بطيخك الَّذِي أَخذ مِنْك قَالَ نعم قَالَ فَخذه وَهَذَا الْحَاجِب مَمْلُوك لي وَقد سلمته إِلَيْك ووهبته لَك حَتَّى يحضر الَّذين أخذُوا مِنْك الْبِطِّيخ
1 / 53