177

Lyot

تغييرات تلك الألوان بانعكاسها من رماد البراكين، ويقول: إننا ولا ريب نشط كثيرا حين نقرر أن تغييرات اللون على سطح المريخ دليل قاطع على وجود الأكسجين الطلق ولو في الماضي، وإن الأكسجين الطلق يستلزم وجود النبات، وأبسط من هذا على التحقيق أن يقال عن الأكسجين الطلق الذي جاء من الشمس قد استوعبته الصخور كله، ولا موجب هنا لفرض وجود النبات.

كتبنا هذا قبل ثلاث سنوات في كتابنا «عقائد المفكرين»، وكان أحلاس القهوات ورقعاء البارات يعيبون يومئذ كتابنا في هذه المسائل؛ لأنها من مسائل القرون الوسطى التي فات عليها الأوان، ثم يأتي لهم البرق في أخباره المستعجلة بما كتبناه قبل ثلاث سنوات عن أخص حقائق الحياة، وطبل وزمر «يا جدع أنت وهو» بأدب الحياة وقصص الحياة وأسرار الحياة وأخبار الحياة.

وما هي أخبار الحياة عند هؤلاء؟

لا يكون الخبر عندهم خبر حياة، إلا إذا كان خبرا عن امرأة هلوك أخذها ماجن رقيع وذهب بها إلى حيث يتمم القصة كتاب الإيضاح وما إليه؟ •••

والنتيجة، بل النتائج المتعددة، لهذه البرقيات المستعجلة: (1)

أن بعض العلماء في هذا العصر يجني عليهم ضيق التخصص، فيعكفون على بحوثهم ولا يطلعون على بحوث زملائهم الذين سبقوهم إلى مثلها في أمثال أرصادهم، ولعلهم يكررون بها كل ما سبقوا إليه.

وهؤلاء المتخصصون «المغلقون» معروفون في البيئات العلمية الأمريكية من أجيال مضت، وإليهم يشير فولتير أمريكا - وندل هولمز - في أحاديث المائدة، التي ذكر فيها رجلا ثائرا على معركة الانتخاب، فحسبه من أنصار بعض المرشحين لرئاسة الجمهورية، ثم سأله فتبين له أن هذه الثورة إنما تدور على الترشيح لرئاسة فرع من فروع البحث في علوم الحشرات!

ونظن أن هذا التخصص المغلق هو الذي أطرفنا بخبر من أخبار البرق عن أمور منشورة في الكتب منذ سنوات. (2)

وأن بعض وكلاء الأخبار يخطفون أطراف الكلام قبل أن يتبينوه، ولعلهم لو تبينوه لما عرفوه، ولا يستغربن أحد في مصر ذلك؛ فقد رأينا أناسا من هؤلاء «الفطاحل»، فإذا هم أشباه أميين يراسلون الصحف العالمية، ونحسبهم نحن - مخدوعين فيهم - من حملة الأقلام العالمية! (3)

Unknown page