ومهما يكن من قصر الوقت الباقي من زمن الحرب، فانقضاء هذا الوقت في معرفة الحقائق والتأهب للطوارق، خير من قضائه في الإهمال والتسويف، وليكن إقبال الناس على القراءة حافزا لمن يعنيهم أن يقرءوا ما يصلح للفهم في كل زمن، وما يصلح للفهم في الزمن الأخير من الحرب على التخصيص، وليس الكتاب وحدهم أصحاب الشأن في الكتابة؛ لأنهم لا يملكون زمام الأمر إلا القليل، فلو كنا على ما نود من توافر الأداة الثقافية لنهض بالأمر جمع قادر أولو جاه ومال يقررون الموضوعات، ويوزعون الأبواب، وينفقون على ثقة من الكسب وعلى توقع للخسارة في وقت واحد، أو يراوحون بين ما يربح وما يحتمل الخسارة، فلا يهمهم أن يربحوا من كل شيء ما داموا لا يخسرون من كل شيء.
إننا لقادرون على ذلك لو أردناه.
إننا لمريدوه لو أدركنا دواعيه وأدركنا عقباه.
فهل ندركها؟
إن قلنا: «فيها قولان.» وكفى، فنحن متفائلون.
الفصل الثاني عشر
في الشعر العربي
«قرأت في الرسالة كلاما عن «الشعر المرسل وشعرائنا الذين حاولوه» للأستاذ دريني خشبة، يقول فيه بعد الإشارة إلى بعض الأدباء والشعراء: ... لست أدري أي الرائدين فكر لأول مرة في موضوع الشعر المرسل في مصر خاصة، وفي العالم العربي عامة، أهو الأستاذ الشاعر عبد الرحمن شكري أم الأستاذ الشاعر محمد فريد أبو حديد ...؟» •••
والذي نذكره على التحقيق أن الابتداء بالشعر المرسل في العصر الحديث محصور في ثلاثة من الشعراء لا يعدوهم إلى آخر، وهم السيد توفيق البكري، وجميل صدقي الزهاوي، وعبد الرحمن شكري.
ولكني لا أذكر على التحقيق من منهم البادئ الأول قبل زميليه، ولعلي لا أخالف الحقيقة حين أرجح أن البادئ الأول منهم هو السيد توفيق البكري في قصيدته «ذات القوافي»، ثم تلاه الزهاوي في قصيدة نشرت بالمؤيد، فعبد الرحمن شكري في قصائد شتى نشرت بالجريدة، وجمعت بعد ذلك في دواوينه.
Unknown page