قرءوني عشر سنين فما نبسوا بكلمة تقدير واحدة، وتعرضوا للكتابة أياما فاعتقدوا أنني قصرت غاية التقصير؛ لأنني لم أفرغ نهاري وليلي للثناء عليهم والتبشير بدعوتهم، ووجب إذن أن أفعل ما يريدون وإلا ...
وهنا العثرة كما يقول شكسبير!
وإلا ماذا؟ إنني رجل لو جاءني أحد فقال لي: عش ألف سنة سعيدا وإلا ... لأوشكت أن أجيبه بالرفض بعد هذا الاشتراط قبل إتمامه.
فإذا جاءتني شرذمة من خشاش الأرض لا يعرفون لي حقا، ويفرضون علي أن أنتحل لهم كل حق مصدوق أو مكذوب، وإلا حطموني وهدموني، وذروا ترابي في الهواء فماذا ينتظرون مني؟ ولماذا يغضبون إذا تركتهم يهدموني؟ ألأنهم لم يستطيعوا هدمي؟ أكان من الاحتكار أيضا أنني لم أنهدم كما أرادوا فعرفوا أنهم عاجزون وأنهم هازلون؟
إن حق التشجيع في معاملة الناشئين مقرون بحق الأدب والتوقير في معاملة الشيوخ والكهول.
بل حق الأدب والتوقير مقدم بحكم السبق في الزمان؛ لأن الشيوخ والكهول كتبوا قبل الناشئين، وبحكم الحق لأن الأديب الناشئ يستفيد حين يقرأ سابقيه، وليس الأديب الكهل أو الشيخ على ثقة من الفائدة إذ يقرأ للناشئين، وبحكم الاستطاعة؛ لأن القارئ الناشئ قد استطاع أن يقرأ فعلا ما هو مطالب بتقديره، وليس لأحد أن يفرض استطاعة الكهل أو الشيخ أن يقرأ كل ما يكتبه الدارجون في طريق الكتابة.
ولكنهم هنا يطلبون التشجيع ويعفون أنفسهم من واجب التوقير ... ويهددون!
ومن طلب ذلك فما هو بأهل للتشجيع.
ومن قبل ذلك فما هو بأهل للتوقير.
أما الذين يعرفون الحقوق ثم لا يحتكرونها كلها لأنفسهم، فليس عندهم من سبب لاتهام المشهورين أو غير المشهورين بالاحتكار، ولا يلومون أحدا على الاشتهار؛ لأنهم هم يتعجلون الاشتهار.
Unknown page