Yāqūtat al-ghiyāṣa al-jāmiʿa li-maʿānī al-khulāṣa
ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة
Genres
وأما بالمعنى الأخص فلها حدان، إن شئت قلت كل أمر زائد على الذات راجع إلى الإثبات يدخل في ضمن العلم بالذات مقصورة في العلم به على الذات، وقولنا راجح إلى الأثبات نحترز به من النفي الذي يدخل في ضمن العلم بالذات، نحو علمنا بأنه تعالى ليس بجاهل ولا عاجز، فإنه علم بذاته على نفي، وليس هذا مثل ما ذكرنا في العلم بأنه واحد؛ لأنه نفي ذات، وهذا نفي صفة، وقولنا مقصور في العلم به على الذات احتراز من الحكم فإنه ليس بمقصور في الحكم به على الذات.
والحد الثاني هي المزية التي تعلم الذات عليها من دون اعتبار غير أو ما يجري مجراه.
قلنا: هي المزية؛ لأنه لابد من مزية تعلم الذات عليها، وقلنا: من دون اعتبار الغير ولا ما يجري مجراه احتراز من الحكم فإن العلم لا تعلم عليه إلا باعتبار غيرا أو ما يجري مجراه الغير، ولقائل أن يقول إن النفي مزية بعلم الذات عليها من دون اعتبار غير نحو علمنا بأنه تعالى ليس بجاهل ولا عاجز وليس بصفة على المعنى الأخص، فالأولى أن يقال هي المزية الراجعة إلى الإثبات التي تعلم الذات عليها من دون غير ولا ما يجري مجراه.
وأما الحكم فهو يستعمل في أصل اللغة وعرف اللغة واصطلاح الفقهاء واصطلاح المتكلمين.
أما في أصل اللغة فالحكم هو المنع، ومنه سمي لجام الدابة حكمه لما كان يمنعها من الذهاب، ومنه سميت الحكمة حكمة؛ لأنها تمنع صاحبها من القبح، وكذلك يسميه الحاكم من هذه المنعة الخصوم، ويدل عليه قول الشاعر:
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكم أن أغضبا
وأما في عرف اللغة فإن الحكم هو الإلزام، يقال: حكم القاضي على فلان إذا ألزمه فعلا ومنعه من غيره.
وأما في اصطلاح الفقهاء فهو حكم الفعل من وجوب وقبح وندب، وإباحة، وكراهة.
Page 228