Yāqūtat al-ghiyāṣa al-jāmiʿa li-maʿānī al-khulāṣa
ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة
Genres
الوجه الثالث: أن الحكم ثبت بثبات هذه العلة، ويزول بزوالها، فلأنا قد علمنا أن الحدوث لما حصل في أفعالنا وجب احتياجها إلى محدث، وكشف عن ذلك، ولما لم يحصل في المعدومات والقديم، ثم يحتج إلى محدث مع بقائها معلومة، وإنما أنه ليس هناك ما يتعلق الحكم به أو لا من الحدوث لجوزنا في المعدوم مع بقائه على العدم، وكذلك النافي في حال بقائه، والقديم أن يكون محتاجه إلى محدث وإن لم يكن محدثه بأن تحصل هذه العلة التي هي أولا من الحدوث أوكان يجوز في أفعالنا أن لا يحتاج إلينا، وأن يحصل الحدوث لئلا تحصل تلك العلة.
وأما الأصل الخامس: وهو أن الأجسام إذا شاركتها في الحدوث وجب أن تشاركها بالاحتياج إلى محدث، فالذي يدل على ذلك أن من حق كل شريكين اشتركا في على حكم أن يشتركا في ذلك الحكم؛ لأن العلة موجبة لحكمهما، والاشتراك فيها يوجب الاشتراك فيه، فلو حصلت بعض المواضع ولم يحصل لعاد على كونها علة فيه بالنقض والإعادة على أصل تلك العلة بالنقض والإبطال، فإن قيل: إذا قلتم أن العلة في حاجة أفعالنا إلينا هو حدوثها فهذا يوجب عليكم أن تحتاج الأجسام إلينا لحدوثها، ولا تحتاج إلى محدث آخر، وهذا مع كونه محال، ويعود على عرضكم من اثبات محدث الأجسام بالنقض والإطال.
قلنا: إن النقض في احتياجها إلينا هو حدوثها منا لا حدوقها فقط، والعلة احتياجها إلى محدث هو حدوثها فقط، والأجسام لم تحدث منها، وقد حصل فيها الحدوث المطلق فيجب أن تحتاج إلى محدث ما لم يدل بعد ذلك على أن لا محدث له سوى الله تعالى في الأصل الثالث إن شاء الله تعالى.
واعلم أن هذه العلة التي جمعنا بها بين الشاهد والغائب في هذه المواضع هي التي تسمى علة الحكم عند المتكلمين عند وهي أحد الطرق الرابطة بين الشاهد والغائب، وجملة الطرق......بينهما أربع:
أحدها: هذه وهي علة الحكم.
والثانية: طريقة الحكم.
والثالثة: ما تجري مجرى العلة.
والرابعة: طريقة الأولى.
Page 210