336

ولم تزل الحرب على حالها حتى أهب الله ريح النصر لأوليائه، وأدار دائرة السوء على أعدائه، فأخذتهم سيوف الحق تحسمهم «2» بين كل مصاد ومنعطف واد «3»، ومدخل ومغار، ومعتسف ومنار. وملكت عليهم الفيلة التي كانوا «4» أعدوها حصونا واقية، فصارت عليهم عباقية «5» باقية. [190 أ] وأفاء الله على السلطان وأوليائه غنائم رحضت الصدور عن رين «6» الحسد، لا شتراك الكافة في الغنى المقصود، واستوائهم في كفاية الموجود. وفتح الله ناردين «7» فتحا طرز به شعائر «8» الإسلام إذ لم تبلغه راية الحق من لدن عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمان السلطان يمين الدولة وأمين الملة، عزا كتب الله له على يده، وصنعا أتاح الله «1» التوفيق والتيسير له من عنده.

ووجد في بيت صنم «2» عظيم حجر منقور دلت كتابته على أنه مبني منذ أربعين ألف سنة، فقضى السلطان من جهل القوم عجبا، إذ كان أهل الشريعة الغراء، والحق المنزل من السماء، على أن مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنا منها في الألف الأخير، وكل ما تساندت به الأخبار من أمارات الساعة موجود، وبأبصار العيون وبصائر القلوب مشهود. واستفتى فيه أعيان الفقهاء و«3» العلماء، فكل أجمع على إنكار [ما فهم من] «4» ذلك المنقور، وعلى تزييف مثلها من شهادات الصخور.

وعاد السلطان وراءه بتلك الغنائم العظيمة، فكاد عدد الأرقاء من العبيد والإماء يزيد على عدد الدهماء، ورخصت قيم المماليك فصار أصحاب المهن الخاملة فضلا عمن [190 ب] فوقهم من السوقة يعتقدون عدة من تلك المماليك «5» الروقة، وذلك فضل الله الذي أعز به الدين، وأذل الإلحاد والملحدين، والحمد لله رب العالمين «6».

ذكر وقعة تانيشر «7»

Page 350