Uṣūl al-Sarakhsī
أصول السرخسي
Editor
أبو الوفا الأفغاني
Publisher
لجنة إحياء المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publisher Location
حيدر آباد
Genres
Jurisprudence
فَإِنَّهُ رأى أَرْبَعَة من الصَّحَابَة أنس بن مَالك وَعبد الله بن أبي أوفى وَأَبُو الطُّفَيْل وَعبد الله بن حَارِث بن جُزْء الزبيدِيّ ﵃ وَقد كَانَ مِمَّن يجْتَهد فِي عهد التَّابِعين وَيعلم النَّاس حَتَّى نَاظر الشّعبِيّ فِي مَسْأَلَة النّذر بالمعصية فَمَا كَانَ ينْعَقد إِجْمَاعهم بِدُونِ قَوْله فَلهَذَا قَالَ ذَلِك لَا لِأَنَّهُ كَانَ لَا يرى إِجْمَاع من بعد الصَّحَابَة حجَّة
وَمن النَّاس من يَقُول الْإِجْمَاع الَّذِي هُوَ حجَّة إِجْمَاع أهل الْمَدِينَة خَاصَّة لأَنهم أهل حَضْرَة الرَّسُول وَقد بَين رَسُول الله ﵇ خُصُوصِيَّة تِلْكَ الْبقْعَة فِي آثَار فَقَالَ إِن الْإِسْلَام ليأرز إِلَى الْمَدِينَة كَمَا تأرز الْحَيَّة إِلَى جحرها وَقَالَ ﵇ إِن الدَّجَّال لَا يدخلهَا وَقَالَ ﵇ من أَرَادَ أَهلهَا بِسوء أذابه الله كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء وَقَالَ ﵇ إِن الْمَدِينَة تَنْفِي الْخبث كَمَا يَنْفِي الْكِير خبث الْحَدِيد وَلَكِن مَا قَررنَا من الْمعَانِي لَا يخْتَص بمَكَان دون مَكَان
ثمَّ إِن كَانَ مُرَاد الْقَائِل أَهلهَا الَّذين كَانُوا فِي عهد رَسُول الله ﷺ فَهَذَا لَا يُنَازع فِيهِ أحد وَإِن كَانَ المُرَاد أَهلهَا فِي كل عصر فَهُوَ قَول بَاطِل لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي بقْعَة من الْبِقَاع الْيَوْم فِي دَار الْإِسْلَام قوم هم أقل علما وَأظْهر جهلا وَأبْعد عَن أَسبَاب الْخَيْر من الَّذين هم بِالْمَدِينَةِ فَكيف يستجاز القَوْل بِأَنَّهُ لَا إِجْمَاع فِي أَحْكَام الدّين إِلَّا إِجْمَاعهم وَالْمرَاد بالآثار حَال الْمَدِينَة فِي عهد رَسُول الله ﷺ حِين كَانَت الْهِجْرَة فَرِيضَة كَانَ الْمُسلمُونَ يَجْتَمعُونَ فِيهَا وَأهل الْخبث وَالرِّدَّة لَا يقرونَ فِيهَا وَقد تكون الْبقْعَة محروسة وَإِن كَانَ من يسكنهَا على غير الْحق أَلا ترى أَن مَكَّة كَانَت محروسة عَام الْفِيل مَعَ أَن أَهلهَا كَانُوا مُشْرِكين يَوْمئِذٍ
وَمن النَّاس من يَقُول لَا إِجْمَاع إِلَّا لعترة الرَّسُول لأَنهم المخصوصون بِقرَابَة رَسُول الله ﷺ وَأَسْبَاب الْعِزّ قَالَ ﵇ إِنِّي تَارِك فِيكُم الثقلَيْن كتاب الله وعترتي إِن تمسكتم بهما لم تضلوا بعدِي وَقَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا﴾
الْمُوجب للْعلم بِاعْتِبَار نُصُوص ومعاني لَا يخْتَص ذَلِك بِأَهْل الْبَيْت وَالنّسب لَيْسَ من ذَلِك فِي شَيْء فالتخصيص بِهِ يكون زِيَادَة كَيفَ وَقد قَالَ تَعَالَى ﴿وَاتبع﴾
1 / 314