Uṣūl al-Sarakhsī
أصول السرخسي
Investigator
أبو الوفا الأفغاني
Publisher
لجنة إحياء المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publisher Location
حيدر آباد
Genres
Jurisprudence
فصل
وَقد عمل قوم فِي النُّصُوص بِوُجُوه هِيَ فَاسِدَة عندنَا
فَمِنْهَا مَا قَالَ بَعضهم إِن التَّنْصِيص على الشَّيْء باسم الْعلم يُوجب التَّخْصِيص وَقطع الشّركَة بَين الْمَنْصُوص وَغَيره من جنسه فِي الحكم لِأَنَّهُ لَو لم يُوجب ذَلِك لم يظْهر للتخصيص فَائِدَة وحاشا أَن يكون شَيْء من كَلَام صَاحب الشَّرْع غير مُفِيد وأيد هَذَا قَوْله ﷺ المَاء من المَاء فالأنصار فَهموا التَّخْصِيص من ذَلِك حَتَّى استدلوا بِهِ على نفي وجوب الِاغْتِسَال بالإكسال وهم كَانُوا أهل اللِّسَان
وَهَذَا فَاسد عندنَا بِالْكتاب وَالسّنة فَإِن الله تَعَالَى قَالَ ﴿مِنْهَا أَرْبَعَة حرم ذَلِك الدّين الْقيم فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم﴾ وَلَا يدل ذَلِك على إِبَاحَة الظُّلم فِي غير الْأَشْهر الْحرم وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله﴾ ثمَّ لَا يدل ذَلِك على تَخْصِيص الِاسْتِثْنَاء بالغد دون غَيره من الْأَوْقَات فِي الْمُسْتَقْبل
وَقَالَ ﷺ لَا يبولن أحدكُم فِي المَاء الدَّائِم وَلَا يغتسلن فِيهِ من الْجَنَابَة ثمَّ لَا يدل ذَلِك على التَّخْصِيص بالجنابة دون غَيرهَا من أَسبَاب الِاغْتِسَال والأمثلة لهَذَا تكْثر
ثمَّ إِن عنوا بقَوْلهمْ إِن التَّخْصِيص يدل على قطع الْمُشَاركَة وَهُوَ أَن الحكم يثبت بِالنَّصِّ فِي الْمَنْصُوص خَاصَّة فأحد لَا يخالفهم فِي هَذَا فَإِن عندنَا فِيمَا هُوَ من جنس الْمَنْصُوص الحكم يثبت بعلة النَّص لَا بِعَيْنِه وَإِن عنوا أَن هَذَا التَّخْصِيص يُوجب نفي الحكم فِي غير الْمَنْصُوص فَهُوَ بَاطِل لِأَنَّهُ غير متناول لَهُ أصلا فَكيف يُوجب نفيا أَو إِثْبَاتًا للْحكم فِيمَا لم يتَنَاوَلهُ ثمَّ سِيَاق النَّص لإِيجَاب الحكم وَنفي الحكم ضِدّه فَلَا يجوز أَن يكون من وَاجِبَات نَص الْإِيجَاب وَلِأَن الْمَذْهَب عِنْد فُقَهَاء الْأَمْصَار جَوَاز تَعْلِيل النُّصُوص لتعدية الحكم بهَا إِلَى الْفُرُوع فَلَو كَانَ التَّخْصِيص مُوجبا نفي الحكم فِي غير الْمَنْصُوص لَكَانَ التَّعْلِيل بَاطِلا لِأَنَّهُ يكون ذَلِك قِيَاسا فِي مُقَابلَة النَّص وَمن لَا يجوز
1 / 255