Usul
أصول السرخسي
Investigator
أبو الوفا الأفغاني
Publisher
لجنة إحياء المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publisher Location
حيدر آباد
لَا يَأْكُل من هَذِه الْحِنْطَة فَأكل من خبزها يَحْنَث كَمَا لَو أكل عينهَا وَفِي هَذَا جمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي اللَّفْظ فِي حَالَة وَاحِدَة
قُلْنَا جَمِيع هَذِه الْمسَائِل تخرج مُسْتَقِيمًا على مَا ذكرنَا من الأَصْل عِنْد التَّأَمُّل فقد ذكرنَا أَن الْمَقْصُود مُعْتَبر وَأَنه ينزل ذَلِك منزلَة دَلِيل الِاسْتِثْنَاء
فَفِي مَسْأَلَة وضع الْقدَم مَقْصُود الْحَالِف الِامْتِنَاع من الدُّخُول فَيصير بِاعْتِبَار مَقْصُوده كَأَنَّهُ حلف لَا يدْخل وَالدُّخُول قد يكون حافيا وَقد يكون منتعلا وَقد يكون رَاكِبًا فَعِنْدَ الدُّخُول حافيا يَحْنَث لَا بِاعْتِبَار حَقِيقَة وضع الْقدَم بل بِاعْتِبَار الدُّخُول الَّذِي هُوَ الْمَقْصُود فَعرفنَا أَنه إِنَّمَا يَحْنَث فِي الْمَوَاضِع كلهَا لعُمُوم الْمجَاز لَا لعُمُوم الْحَقِيقَة
وَكَذَلِكَ قَوْله يَوْم يقدم فلَان فالمقصود بِذكر الْيَوْم هُنَا الْوَقْت لِأَنَّهُ قرن بِهِ مَا هُوَ غير ممتد وَلَا يخْتَص ببياض النَّهَار وَالْيَوْم إِنَّمَا يكون عبارَة عَن بَيَاض النَّهَار إِذا قرن بِمَا يَمْتَد ليصير معيارا لَهُ حَتَّى إِذا قَالَ أَمرك بِيَدِك يَوْم يقدم فلَان فَقدم لَيْلًا لَا يصير الْأَمر بِيَدِهَا وَكَذَلِكَ إِذا قرن بِمَا يخْتَص بِالنَّهَارِ كَقَوْلِه لله عَليّ أَن أَصوم الْيَوْم الَّذِي يقدم فِيهِ فلَان فَأَما إِذا قرن بِمَا لَا يَمْتَد وَلَا يخْتَص بِأحد الْوَقْتَيْنِ يكون عبارَة عَن الْوَقْت كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره﴾ وَاسم الْوَقْت يعم اللَّيْل وَالنَّهَار فلعموم الْمجَاز قُلْنَا بِأَنَّهَا تطلق فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا حَتَّى إِذا قَالَ لَيْلَة يقدم فلَان فَقدم نَهَارا لم تطلق لِأَن الْحَقِيقَة هُنَا مُرَادة فيتنحى الْمجَاز
وَفِي مَسْأَلَة دُخُول دَار فلَان الْمَقْصُود إِضَافَة السُّكْنَى وَذَلِكَ يعم السُّكْنَى بطرِيق الْملك وَالْعَارِية وَإِذا دخل دَارا يسكنهَا فلَان بِالْملكِ إِنَّمَا يَحْنَث لعُمُوم الْمجَاز لَا للْملك حَتَّى لَو كَانَ السَّاكِن فِيهَا غير فلَان لم يَحْنَث وَإِن كَانَت مَمْلُوكَة لفُلَان
وَفِي مَسْأَلَتي السّير قِيَاس واستحسان فِي الْقيَاس يتَنَحَّى الْمجَاز فِي الْأمان كَمَا فِي الْوَصِيَّة وَفِي الِاسْتِحْسَان قَالَ الْمَقْصُود من الْأمان حقن الدَّم وَهُوَ مَبْنِيّ على التَّوَسُّع وَاسم الْأَبْنَاء والموالي من حَيْثُ الظَّاهِر يتَنَاوَل الْفُرُوع إِلَّا أَن الْحَقِيقَة تتقدم على الْمجَاز فِي كَونه مرَادا وَلَكِن مُجَرّد الصُّورَة تبقى شبهته فِي حقن الدَّم كَمَا ثَبت الْأمان بِمُجَرَّد الْإِشَارَة من الْفَارِس إِذا دَعَا الْكَافِر بهَا إِلَى نَفسه لصورة المسالمة وَإِن لم يكن ذَلِك حَقِيقَة
فَإِن قيل لماذا لم تعْتَبر هَذِه الصُّورَة فِي إِثْبَات الْأمان للأجداد والجدات عِنْد
1 / 175