Udaba Carab Fi Acsur Cabbasiyya
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Genres
فإنك معطيه وإني ناظم
ويعرض للشعراء فيرمي بهم إلى أسفل، ويحلق فوقهم مغردا، ومدلا بشاعريته على ممدوحه فيقول:
ودع كل صوت غير صوتي فإنني
أنا الطائر المحكي والآخر الصدى
47
وقلما خلت قصيدة لأبي الطيب من أبيات في الفخر، ولا سيما مدائحه.
وصفه
لم يعن المتنبي بوصف الطبيعة، والتغزل بجمالها، والإفضاء بما توحي إليه أسرارها، ولم يلتفت إلى قصور الملوك وحدائقهم، ولا إلى حلقات اللهو وأدواته؛ لأن نفسه كانت أبعد هما من أن تفرغ لهذه الأشياء، فقد شغلها حب المغامرات، وطلب السيادة والتملك، فلم تجد قبلها غير القوة تصفها على اختلاف صورها وهياكلها. فاتبعها يتقراها في مواطنها، فنظر إلى الطبيعة على قلة احتفاله بها، فلم يبد له منها غير القوة فوصفها في بحيرة طبرية، فإذا أمواجها فحول مزبدة، وطيورها فرسان على خيول بلق، ورياحها جيشا وغى، هازم ومنهزم.
48
وأصابته الحمى وهو في مصر، فما كاد يصفها ببضعة أبيات لطيفة حتى أخذ يتشوق إلى يوم تعود به إليه صحته، فيتمكن من أن يصرف عنانا أو زماما، ويحمل قناة أو حساما. ووصف إنشاء ابن العميد في كتاب ورد منه عليه، فلم يجد فيه غير أسود مفترسة. فالقوة ماثلة في جميع أوصاف المتنبي، تتبينها في تشابيهه واستعاراته، في ألفاظه وعباراته، وفي غلوه وتخيلاته، وأحسن الوصف عنده ما صح أن تتمثل القوة فيه، كوصف أسد ضار يطلب فريسة، ووصف خيول مغيرة تثير غبارا، وجيش زاحف غارق في الزرد، وسيوف مسلولة، ورماح مشرعة، ومعارك حامية الوطيس تضارب فيها الأبطال وتطاعن.
Unknown page