253

Tuhfat Umara

تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء

Investigator

عبد الستار أحمد فراج

Publisher

مكتبة الأعيان

Genres

History
ومعامليك، ودفع الشيء أولى من تعجله، ومتى جرى وأعوذ بالله أمر أخذ أكثر مما وقع الالتماس له. فلم يدعه موسى ابن خلف، وأقام على ما أورد من رأيه. وأجاب أبو الحسن ابن الفرات المقتدر بالله بالاعتذار والاحتجاج وتكثير ما عليه من المؤن والنفقات والأعطيات الإطلاقات. واحتد الإرجاف بعقب هذه الحال احتدادًا شديدًا، وكتب إليه المقتدر بالله يعلمه رأيه الجميل فيه وإحماده الكثير له ومقامة على النية الصادقة في بابه، وحلف له بتربة المعتضد بالله على سلامة باطنه، وأنه لا يعتقد تغييرًا لأمره، ولا استبدالًا بنظره. ووقف أبو الحسن على ذلك فسر به، وسكن ألى ما عرفه منه، وأطلع كتابه عليه، فاستبشرت الجماعة وزال عنها الشك والمخافة. ووجم والدي وأمسك، وتبين أبو الحسن منه ذلك، فأدناه إليه، وقال له: أراك ساكتًا وعن جملتنا في السكون خارجًا، فما الذي وقع لك؟ فقال له: أما أنا فقد زادتني هذه الرقعة استيحاشًا، وملأتني خوفًا وإشفاقًا، لأنه لم يتجدد ما يقتضيها ويوجب ابتداءنا بما فيها. فقال له: أنت يا أبا عبد الله بعيد للنظر سيء الظن، يحملك فرط الشفقة علي إلى تصور هذه الأسباب، وأرجو أن يكذب الله تقديرك، ويجري علي جميل العادة. وكان هذا يوم الثلاثاء، فلما كان يوم الخميس الثلاثين من جمادي الأولى سنة ست وثلاثمائة مضى على رسمه في أيام المواكب ألى المقتدر بالله، ووصل إلى حضرته، ووقف بين يديه، وخاطبه فيما احتاج فيه إلى خطابه، وانصرف ألى داره، وعرف كتابه خبره، فظهروا وحضروا، ونظروا في الأعمال، وأعطي كلًا منهم ما يتعلق بديوانه، ودعا بالطعام فأكل، ثم قام

1 / 263