علي بن محمد بن موسى بن الفرات
أبو الحسن علي بن محمد بن موسى بن الفرات، مولده في يوم الثلاثاء لخمس ليال خلون من رجب سنة إحدى وأربعين ومائتين، والطالع القوس ياو، والزهرة فيه ياو، والقمر في الدلوح بن، وسهم السعادة فيه، كدلب، وزحل راجع في السرطان ب لح، والذنب فيه يزمو، والشمس في العقرب كه لح، والمشتري فيه وكا، وعطارد فيه ح مو، والمريخ فيه يح يه. وبنو الفرات من قرية تدعى بابلي صريفين، من النهروان الأعلى، وكان لهم بها
1 / 11
أقارب يزيدون على ثلاثمائة نفس. وأول من ساد منهم أبو العباس أحمد بن محمد ابن موسى بن الفرات، وكان حسن الكتابة، ظاهر الكفاية خبيرًا بالحساب والأعمال، متقدمًا على أهل زمانه في هذه الأحوال. فحدث محمد بن أحمد ابن أبي الأصبغ قال: ورد علي من أبي العباس بن بسطام كتاب بالترجمة احتجت إلى عرضه على أبي القاسم عبيد الله بن سليمان، وهو إذ ذاك وزير المعتضد بالله رحمة الله عليه، فحضرت مجلسه، وفيه أبو أحمد بن يزداد وجعفر بن محمد بن حفص، وعرضت عليه ما كان ورد، وأمرني في جوابه بما رسم لي كتبه في مجلسه. فاستدعيت دواتي وجلست وراء مسنده وتشاغل بمسألة أبي أحمد وابن حفص عن أمور الأعمال والأموال، فما فيهما من أجابه بما شفاه، فطلب أبا الحسن علي بن محمد بن الفرات وهو محبوس يومئذ مع أبي العباس أحمد أخيه، وقد لحقتهما مكاره، وعلق أبو العباس بحبال في يديه بقيت آثارها فيهما مدة حياته، وصودر على مائة وعشرين ألف دينار صح منها ستون، فجيء به من محبسه يرسف في قيوده، وعليه جبة دنسة وشعره طويل، فلما مثل بين يديه قال: الله الله أيها الوزير. وجعل يشكو ما أصابه وأصاب أبا العباس أخاه من المكاره. وفرائصه ترعد، فسكنه عبيد الله بن سليمان وقربه، وأجلسه وخاطبه بما أزال به روعه وخوفه. ثم خاطبه في المسألة عن أمر الأعمال والعمال، فانبسط أبو الحسن انبساط رجل جالس في الصدر، وأخذ يقول: ناحية كذا مبلغ مالها كذا، وقد حمل منه كذا وبقي كذا وعاملها مستقيم الطريقة، وناحية كذا على صورة كذا، وعاملها غير مضطلع بها وينبغي أن يستبدل به فيها. وناحية كذا على حال كذا، وعاملها ضعيف وينبغي أن يشد بمشارك أو مشارف.
1 / 12
حتى أتى على أمور الدنيا. قال ابن أبي الأصبغ: فاطلعت فرأيت وجه عبيد الله يتهلل، ثم قال له: اعتزل واعمل لنا عملًا يشتمل على جميع ما ذكرته لي مخاطبةً. واعتزل معه أبو عيسى محمد بن سعيد الديناري وأملى عليه ذلك وأحضره الثبت به. ثم سأله في أمره وأمر أبي العباس أخيه، وذكر له عظيم ما حل بهما ونيل منهما، فتقدم بفك قيودهما والتوسعة عليهما، ووعده بمسألة المعتضد بالله في بابهما والتلطف في استخلاصهما، وصرفه إلى موضعه. وقال لأبي أحمد بن يزداد وجعفر ابن محمد ابن حفص: قوما إلى دواوينكما. والتفت إلى من كان بين يديه وقال: أرأيتم مثل ابن الفرات ومثل كتابي الذين صرفوه؟! والله لأخاطبن الخليفة في العفو عن أبي الحسن وأبي العباس وأستعينن بهما، فإنه لا عوض للسلطان عنهما. ومضت أيام وخاطب في معناها واستوهبهما واستعملهما. وحدث أبو الفضل بن عبد الحميد الكاتب قال: لما تولى أبو القاسم عبيد الله ابن سليمان وزارة المعتضد بالله رحمة الله عليه والدنيا منغلقة بالخوارج، والأطماع مستحكمة من جميع الجوانب، والمواد قاصرة، والأموال معدومة، وقد استخرج إسماعيل بن بلبل خراج السواد لسنتين في سنة، وليس في الخزائن موجود من مال ولا صياغة أحتاج في كل يوم إلى ما لا بد منه من النفقات إلى سبعة آلاف دينار، وتعذر عليه قيام وجهها، وقال لي يومًا وهو في مجلسه من دار المعتضد بالله: يا أبا الفضل قد وردنا على دنيا خراب مستغلقة، وبيوت مال فارغة، وابتداء عقد لخليفة جديد الأمر، وبيننا وبين الافتتاح مدة، ولا بد لي في كل يوم من سبعة آلاف دينار لنفقات الحضرة على غاية الاقتصار والتجزئة،
1 / 13
فإن كنت تعرف وجهًا تعينني به فأحب أن ترشدني إليه وكنت أعرف منها وجوهًا بالنصف فقلت وأنا أحب تخليص بني الفرات: إن أردت أن أُحصل لك ذلك وزيادة فأطلق ابني الفرات واستعملهما. قال: فنهض ودخل على المعتضد بالله وعرفه الصورة وقال: أنا بعيد العهد بالعمل، وابنا الفرات قد خبرا الأعمال ووجوه الأموال، وعندهما من علم ذاك ما يحتاج إليهما فيه. فقال له المعتضد: وكيف تصلح لنا نياتهما وقد استفسدناهما وأسأنا
إليهما وصادرناهما؟ فقال له: إذا أردت أن تصطنعهما وتستصلحهما صلحا ونصحا. فقال له المعتضد: ربما اجتمعا عليك وأفسدا بيني وبينك، والأمر في حبسهما وإطلاقهما إليك. فخرج وعرفني ما جرى، وأحضر أبا العباس وأدناه وقال له: قد استوهبتك وعملت على اصطناعك والاستعانة بك، فكيف تكون؟ قال: أبذل وسعي في كل ما قضى حقك وخفف عنك. وخرج إليه عبيد الله بما هو فيه، وقص عليه أمره فيما يعانيه، فقال له: يتقدم الوزير بإحضار أحمد بن محمد الطائي وعلي بن محمد أخي يعني أبا الحسن وتفردني وإياهما. ففعل عبيد الله ذلك، واعتزل أبو العباس وأبو الحسن وخاطبا الطائي على أن يضمناه أعمال الكوفة والقصر وباروسما الأعلى والأسفل وما يجري مع ذلك، وقررا معه الضمان على أن يحمل من ماله في كل يوم سبعة آلاف دينار، وفي كل شهر ستة آلاف دينار، وأخذا خطة بالتزام الضمان وتصحيح المال على ما تقرر من أوقاته، واستقبلا به في المياومة يومهما، وفي المشاهرة غدهما، وجاءا إلى عبيد الله فسلما إليه الخط. فلما وقف عليه استطير سرورًا، ودخل إلى المعتضد وعرفه ما جرى، فقال له: قد كنت يا عبيد الله أعلم مني بهما، وما يجب إضاعة مثلهما. وصادرناهما؟ فقال له: إذا أردت أن تصطنعهما وتستصلحهما صلحا ونصحا. فقال له المعتضد: ربما اجتمعا عليك وأفسدا بيني وبينك، والأمر في حبسهما وإطلاقهما إليك. فخرج وعرفني ما جرى، وأحضر أبا العباس وأدناه وقال له: قد استوهبتك وعملت على اصطناعك والاستعانة بك، فكيف تكون؟ قال: أبذل وسعي في كل ما قضى حقك وخفف عنك. وخرج إليه عبيد الله بما هو فيه، وقص عليه أمره فيما يعانيه، فقال له: يتقدم الوزير بإحضار أحمد بن محمد الطائي وعلي بن محمد أخي يعني أبا الحسن وتفردني وإياهما. ففعل عبيد الله ذلك، واعتزل أبو العباس وأبو الحسن وخاطبا الطائي على أن يضمناه أعمال الكوفة والقصر وباروسما الأعلى والأسفل وما يجري مع ذلك، وقررا معه الضمان على أن يحمل من ماله في كل يوم سبعة آلاف دينار، وفي كل شهر ستة آلاف دينار، وأخذا خطة بالتزام الضمان وتصحيح المال على ما تقرر من أوقاته، واستقبلا به في المياومة يومهما، وفي المشاهرة غدهما، وجاءا إلى عبيد الله فسلما إليه الخط. فلما وقف عليه استطير سرورًا، ودخل إلى المعتضد وعرفه ما جرى، فقال له: قد كنت يا عبيد الله أعلم مني بهما، وما يجب إضاعة مثلهما.
1 / 14
ووجدت عملًا يشتمل على ذكر أحمد بن محمد الطائي وما ضمنه من الأعمال، وشرطه على نفسه من حمل مال الضمان مياومةً إلى بيت المال، وقد شرح فيه وجوه خرج المياومة، وكانت نسخته: أصل ضمان أحمد بن محمد الطائي في أول أيام المعتضد بالله رحمة الله عليه أعمال سقي الفرات ودجلة وجوخى وواسط وكسكر وطساسيج نهر بوق والذيبين وكلواذي ونهر بين والراذانين وطريق خراسان مما شرط عليه أداؤه مياومًا في بيت المال من العين: ألفي ألف وخمسمائة ألف وعشرين ألف دينار. قسط كل شهر من ذلك مائتي ألف وعشرة آلاف دينار. وكل يوم سبعة آلاف دينار.
تفصيل وجوه خرج المياومة مما شرط فيه ما قرره المعتضد بالله رحمة الله عليه منه: أرزاق أصحاب النوبة من الرجالة ومن برسمهم من البوابين ومن يجري مجراهم من جملة ثلاثين ألف دينار في الشهر ألف دينار. من ذلك البيضان من الجنابيين والبصريين وأصحاب المصاف بباب العامة، ومن على أبواب القواد المفلحية والديالمة والطبرية والمغاربة ويفتتح الاعطاء في مجلسهم بنحو مائة رجل من البوابين سبعمائة دينار.
1 / 15
السودان وأكثرهم مماليك الناصر ﵀ من زغاوة ونوبة ابتيعوا من مصر ومكة. ومنهم الزنج العجم المستأمنة من عسكر الخارجي بالبصرة ممن كان صبر معه وألقى نفسه عليه عند قتله، وهم غتم قح يأكلون لحوم الناس والبهائم الميتة، وقد عوقبوا على ذلك فلم يرجعوا، وكانوا منفردين لا يختلطون بالبيضان. ومن رسمهم أن ينوبوا في مصاف باب الخاصة وحوالي القصر، ولهم وظيفة يميزون بها لقلة رزقهم في اليوم ثلاثمائة دينار.
أرزاق الغلمان الذين أعتقهم الناصر ﵀ ويعرفون بالغلمان الخاصة، وقد كان أضافهم في الجريد إلى الأحرار الذين أيام شهرهم خمسون يومًا ليكونوا مختلطين بالقواد والموالي، فلا يقدرون أنهم مفضلون عليهم في زيادة رزق أو نقصان مدة، وكانت أيام شهرهم في القديم أربعين يومًا فأساءوا الأدب في بعض الأوقات في مطالبة كانت منهم، فحلف أن يجعل أيام شهرهم خمسين يومًا، وفعل وجرى الأمر على ذاك. فلما قام المعتضد بالله نقلهم إلى جملة الأحرار وجعل أيام شهرهم ستين يومًا، وفيهم حاجبه وخلفاء الحجاب وعدتهم خمسة وعشرون رجلًا، خمسة ملازمون وعشرون نوبتيون. فإذا وقع سفر قريب أو بعيد أمر جميعهم بالملازمة الدائمة في المضرب والموكب، وكان لهم دواب في الاصطبل فأُسقطت علوفتها من مال الطمع من جملة ستين ألف دينار في الشهر ألف دينار.
1 / 16
فأما مماليك المعتضد بالله فإنه رتب أمرهم على المقام في القصر والحجر تحت مراعاة الخدم الأُستاذين، وسماهم الحجرية ومنعهم من الخروج والركوب إلا مع خلفاء الأُستاذين.
أرزاق الفرسان من الأحرار والمميزين الذين كانت أيام شهرهم خمسين فجعلت تسعين ونسبوا عند ذلك إلى التسعينية. وكان المعتضد بالله عرض جمهور الجند في الميدان الصغير الذي فيه دار الأزج والأربعيني والمقاصير والسجون، وجلس لذاك في مجالس وخورنقات على ظهور المجالس والأروقة التي تلي بركة السباع، ويرتقى إليها من درجة في حجرة كانت هناك للوضوء، ولم يكن يدخل الدار الحسنية يومئذ إلا الخدم برسم الخدمة، وعبيد الله بن سليمان وبدر ورائد ومن رسمه أن يغلق أبواب البستان في الصحن الحسني، ويقف القواد والغلمان بين يديه في الميدان، ويجلس كتاب العطاء أسفل بحيث لا يراهم، ويتقدم القائد ومعه جريدة بأسماء أصحابه وأرزاقهم فيأخذها خادم منه ويصعد بها إلى المعتضد بالله، ويدعو عبيد الله بن سليمان بواحد واحد ممن فيها، فيدخل الميدان ويمتحن على البرجاص، فإن كان يرمي رميًا جيدًا. وهو متمكن من نفسه، ومستقر في سرجه ومصيب أو مقارب في رميه، علم على اسمه ج وهي علامة الجيد، ومن كان دون ذلك علم على اسمه ط وهي علامة المتوسط، ومن كان متخلفًا لا يحسن أن يركب فرسه أو يرمي هدفه علم على اسمه د وهي علامة الدون. ثم يحمل بعد
1 / 17
العرض والامتحان إلى كتاب الجيش ليتأملوا حليته، ويقابلوا بها ما عندهم من صفته، لئلا يكون دخيلًا أو بديلًا، فأذا تكامل عرض أصحاب القائد دفعت جريدته التي فيها العلامات بخط المعتضد بالله إلى عبيد الله بن سليمان ليدفعها من وقتها إلى الكاتب، ويميز ما فيها من أرباب العلامات، ويفرد لكل صنف منهم جريدة، وإذا عمل الكاتب من ذاك ما يعمله، قابل عليه بنفسه لئلا يتم على عبيد الله مغالطة فيه ثم أخذ الجرائد المبيضات المجردات وسلم إلى عبيد الله ذات العلامات، وكل هذا من غير أن يعلم القائد وأصحابه بما يجري منه، ثم يخرج كل جريدة إلى مجلس قد أفرد لذلك الصنف، وجعل شهر الذين ارتضاهم وأمضاهم تسعين يومًا، وسماهم عسكر الخاصة. وضم المتوسطين إلى بدر ليكونوا في شحنة طريق خراسان والأنبار وزاذان ودقوقا وخانيجار، ودعاهم عسكر الخدمة، وجعل أيام شهرهم مائةً وعشرين يومًا، وأمر عبيد الله بن سليمان بأن يرسم الطبقة الدون بالخروج إلى أعمال الخراج للاستحثاث على حمل الأموال بعد أن يسقط منهم الراضة والأثبات المشاكلين للرعية، وأن يسبب أموالهم على النواحي في دفعتين من السنة، ويوفر عليهم مرافق المسقطين ومنافعهم ومكاسبهم، ويجعل منهم من يكون من أصحاب المعاون ببغداد وواسط والكوفة، وأمضى من أرزاق التسعينية المختارين ما كان لهم في أيام الناصر، وأسقط ثمن قضيم دوابهم وعلوفتهم، وهو للدابة في كل خمسة
1 / 18
وثلاثين يومًا أربعة دنانير، وللبغل ثلاثة دنانير ونصف، وللحمار برسم الرجالة ديناران، وأسقط من ثمن جراياتهم ووظائفهم نصف وربع دينار في كل شهر، فبلغ مال من أمضى من هؤلاء التسعينية مائةً وخمسةً وثلاثين ألف دينار في كل طمع قسط كل يوم من تسعين يومًا ألف وخمسمائة دينار.
أرزاق المختارين الذين انتخبهم من كل قيادة، وكان عرفهم بالشهامة والشجاعة من المماليك الناصرية والبغائية والمسرورية والبكجورية واليائسية والمفلحية والأزكوتكينية والكيغلغية والكنداجية واستخلصهم لمواكبه وملازمة داره، والدخول أوقات جلوسه، والمقام من أول النهار إلى آخره، ورسم رشيقا القارئ لمراعاة أمورهم وتنجز حوائجهم واستخدامهم، وجعل أيام شهرهم سبعين يومًا من جملة مال طمعهم، وهو اثنان وأربعون ألف دينار، بقسط كل يوم ستمائة دينار.
أرزاق الفرسان المثبتين في أيامه، والمميزين ممن ضم إلى بدر من عسكر الخدمة على ما تقدم من ذكره، وأيام شهرهم مائة وعشرون يومًا بحسب ما كان أوجبه ابن أبي دلف وصاحب أذربيجان للجبليين، ومال طمعهم ستون ألف دينار ولكل يوم خمسمائة دينار.
أرزاق سبعة عشر صنفًا من المرسومين بخدمة الدار والرسائل الخاصة والقراء وأصحاب الأخبار والمؤذنين والمنجمين والفنجاميين والفرانقيين والأنصار والحرس والمكوس، والشيعة والسند وأصحاب الأعلام والبوقيين والمخرفين والمضحكين والطبالين ممن كان برسم النوبة، فنقل إلى المشاهرة التي أيام
1 / 19
كل شهر منها ثلاثون يومًا من جملة ثلاثة آلاف وثلثمائة دينار بقسط كل يوم مائة وعشرة دنانير.
المرتزقة برسم الشرطة بمدينة السلام، والخلفاء عليهم، وأصحاب الأرباع والمصالح، والأعوان والسجانين وأصحاب الطوف والماصرين، ومن في جملتهم من الفرسان الذين ميزوا وأُلحقوا بطبقة الدون من المشايخ والمترفين، ومن هذه سبيله من الرجالة الموكلين بأبواب المدينة، وأيام شهرهم مائة وعشرون يومًا من جملة ستة آلاف دينار في المشاهرة، خمسين دينارًا. أثمان أنزال الغلمان المماليك الستينية المقدم ذكرهم مما كان يطلق للخدم الأستاذين الذين كانوا عليهم، والقواد المضموم بعضهم إليهم ليقيم كل متقدم الخبز واللحم لمن في ناحيته، ويوكل عليه من يستجيد الاقامة لهم ويطالب بإدرارها عليهم، من جملة تسعة آلاف دينار في الشهر، ثلاثمائة دينار. نفقات المطابخ الخاصة والعامة والمخابز وأنزال الحرم والحشم ومخابز السودان، من جملة عشرة آلاف دينار في الشهر، ثلاثمائة وثلاثةً وثلاثين دينارًا وثلثًا، من ذلك الخاصة ثمانين دينارًا، العامة والأنزل مائتين وثلاثة وخمسين دينارًا وثلثًا.
ثمن وظائف شراب الخاصة والعامة وآلاته ونفقات خزائن الكسوة والخلع والطيب وحوائج الوضوء والحمام، ونفقات خزائن السلاح وما يرم من الجواشن والدروع ويتخذ من النشاب والأعلام والمطارد، ونفقات خزانة السروج
1 / 20
وما يجدد منها ويصلح، ونفقات خزائن الفرش وثمن الخيش والربخ والحصر والستائر والسرادقات وأجور الحمالين والأعوان للسرير وغير ذلك على ما ثبت من تفصيله في ديوان النفقات، ويتولى إنفاق جميعه المنفقون المرتزقون من جملة ثلاثة آلاف دينار في الشهر، ليوم مائة دينار. أرزاق السقائين بالقرب في القصر والخزائن والمطابخ والمخابز والدور والحجر، والخدم، في داخل وفي الرحاب، ولوضوء الخاص، ومن يعمل بالروايا على البغال من الاصطبلات للحرم والبوابين في دار العامة من جملة مائة وعشرين دينارًا في الشهر، ليوم أربعة دنانير. أرزاق الخاصة ومن يجري مجراهم من الغلمان والمماليك دون الأكابر الأحرار، ومن أضيف إليهم من الحشم القدماء الذين أُقروا في دار رجاء، وأمر مؤنس الخادم بألا يستخدموا في خدم الدار لئلا يدلوا على الغلمان المتعلقين بالناصر ﵀ بقديم حرمتهم، ولأنه لا معرفة لهم برسوم الخلافة، وأجروا في المشاهرة على خمسة وأربعين يومًا على ما قرره الناصر عناية بهم ورعاية لهم، ولما ابتاع المعتضد بالله الأتراك العجم ورتبهم في الحجر لم يلحقهم بهم، بل جعل أيام شهرهم خمسين يومًا، ورسم للأصاغر خمسة دنانير وللأكابر عشرة دنانير، وزادهم بعد سنتين دينارين فسموا الاثني عشرية. فلما تقلد المكتفي بالله وأشفق من أن يميلوا إلى بدر، وكان إذ ذاك بفارس، ألحق من كان له سبعة دنانير بالأثنى عشرية، وقرر مال الأكابر على ستة عشر دينارًا وجرى الأمر على ذاك إلى آخر أيامه، فلما تفرد الوزراء
1 / 21
بالتدبير صار قسط كل يوم من مال الخدم مائة وسبعة وستين دينارًا.
أرزاق الحشم الذين شهرهم خمسون يومًا من المستخدمين في شراب العامة وخزائن الكسوة، والصناع من الصاغة والخياطين والقصارين والأساكفة والحدادين والرفائين والفرائين والمطرزين والنجادين والوراقين والعطارين والمشهرين والنجارين والخراطين والأسفاطيين وغيرهم، ومن في خزانة السلاح من الخزان والصناع وفي خزانة السروج من مثل ذلك ولكل خزانة وطائفة صك مفرد يكتب من الديوان من جملة ثلاثة آلاف دينار في الشهر، ليوم مائة دينار. أرزاق الحرم صانهن الله من جملة ثلاثة آلاف دينار، ليوم مائة دينار. ثمن علوفة الكراع في الاصطبلات الخمسة وهي: إصطبل الخاص ويشتمل على الخيل والحجورة والشهاري والبراذين وبغال السروج والقباب والهوادج والفردات والحمير. وإصطبل العامة وفيه دواب الخدم والغلمان والتفاريق والبازياريين. وإصطبل الدواب والحمليات وما يرد من المروج من المهارة المحرمة ويبتاع ويهدي، وفيه يرتبط ما يحتاج إلى العلاج والمراعاة، وما يرد من الأسفار وفيه عقر وغمز. وإصطبل لبغال الأثقال وحمل العلوفات. وإصطبل بقصر الطين في الشماسية لمبارك الابل والجمازات وكان المعتضد بالله يعرض ما في هذه
1 / 22
الاصطبلات في كل شهر إلا ما كان من الخاص فإنه جعله قريبًا منه ومشدودًا في الأواخي بين يديه وفي الميدان والرياضة والكد متصلًا عليه، ومتى أحمد قيام من يقلده شيئًا من ذاك زاده في رزقه، ومن اطلع منه على تقصير أو إضاعة صرفه واستبدل به. ثم جمع النظر في هذه الاصطبلات للنوشجاني لكفايته وثقته وأثمان كسوة الدواب وآلاتها وأدويتها وعلاجاتها وأجور الساسة والمكارية والراضة والبياطرة والوكلاء وغيرهم، من جملة اثني عشر ألف دينار في الشهر، ليوم أربعمائة دينار. ما يصرف في ثمن الكراع والابل وما يبتاع من الخيل الموصوفة في أحياء العرب ويستبدل به إذا عطب في العمل من جملة ألفي دينار في الشهر، ليوم ستة وستين دينارًا وثلثي دينار. أرزاق المطبخيين في كل شهر أيامه خمسون يومًا من جملة ألف وخمسمائة دينار في الشهر، ليوم ثلاثين دينارًا. أرزاق الفراشين والمجلسيين وخزان الفرش وخزان الشمع وأجرة الأعوان والحمالين فيها، في كل شهر أيامه خمسون يومًا، من جملة ألف وخمسمائة دينار، ثلاثين دينارًا. ثمن الشمع والزيت من جملة مائتي دينار في الشهر، ليوم ستة دنانير وثلثي دينار. أرزاق أصحاب الركاب والجنائب والسروج ومن يخدم في دواب البريد من جملة مائة وخمسين دينارًا في الشهر، ليوم خمسة دنانير.
1 / 23
أرزاق الجلساء وأكابر الملهين ومن كان يجري مجراهم في الجلوس إذا حضر، مثل أبي العلاء القاسم بن زرزر ووراد وأبي عيسى، وأيام شهرهم خمسة وأربعون يومًا أسوةً بالخدم، من جملة ألفي دينار، ليوم أربعة وأربعين دينارًا وثلثا.
أرزاق جماعة من رؤساء المتطببين وتلامذتهم الملازمين، مع ثلاثين دينارًا لثمن الأدوية في خزانة تكون في القصر، من جملة سبعمائة دينار، ليوم ثلاثة وعشرين دينارًا وثلثا. أرزاق أصحاب الصيد من البازياريين والفهادين والكلابين والصقارين والصيادين، وثمن الطعم والعلاج للجوارح وأصحاب الحراب والسباعين وأصحاب الشباك واللبابيد والفحالين ومن معهم من الأعوان والحمالين وأصحاب المرور وغيرهم، في كل شهر أيامه خمسة وثلاثون يومًا من جملة ألفين وخمسمائة دينار في الشهر، ومع القسط من خمسين دينارًا لتجديد آلاتها، سبعين دينارًا. أرزاق الملاحين في الطيارات والشذاءات والسميريات والحراقات والزلالات وزواريق المعابر، من جملة خمسمائة دينار في كل شهر، ستة عشر دينارًا وثلثي دينار. ثمن النفط والمشاقة للنفاطات والمشاعل، وأجرة الرجال في خدمتها، من جملة مائة وعشرين دينارًا، أربعة دنانير. الصدقة التي تحضر في كل يوم عند صلاة الصبح في خرقة سوداء، على ما كان الناصر ﵀ رسمه. وأمر المعتضد بالله، ﵀، بعد بتفرقته على من
1 / 24
في قصر الرصافة من الحرم المحتاجات من قيمة مائتي درهم محددًا، في كل يوم خمسة عشر دينارًا. جاري أولاد المتوكل على الله وأولادهم رجالًا ونساء من جملة ألف دينار في الشهر، ثلاثةً وثلاثين دينارًا وثلث دينار. جاري ولد الواثق والمهتدي بالله والمستعين وسائر أولاد الخلفاء، ومن في قصر أم حبيب، من جملة خمسمائة دينار في الشهر، ستة عشر دينارًا وثلثي دينار.
جاري ولد الناصر ﵀ عبد الواحد وأخواته من جملة خمسمائة دينار في الشهر، ستة عشر دينارًا وثلثي دينار. أرزاق مشايخ الهاشميين وأصحاب المراتب والخطباء في المساجد الجامعة بمدينة السلاح خاصة من جملة ستمائة دينار في الشهر، عشرين دينارًا. جاري جمهور بني هاشم من العباسيين والطالبيين مما كان الناصر ﵀ قرره لهم من ذلك، وأوجبه لكل من أولادهم ذكورهم وإناثهم حسابًا لكل واحد في كل شهر دينار، وأمر بإطلاقه من ارتفاع ضيعته المعروفة بنهر الموفقي، واقتصر المعتضد بالله ﵀ بهم منه على ربع دينار في كل شهر، وكانت عدتهم بالحضرة أربعة آلاف نفس، من جملة ألف دينار في كل شهر، ليوم ثلاثة وثلاثين دينارًا وثلثًا. أرزاق عبيد الله بن سليمان مع خمسمائة دينار للقاسم ابنه برسم العرض بالحضرة وكتابة بدر على الجيش من جملة ألف وخمسمائة دينار مشاهرةً، ليوم ثلاثة وثلاثين دينارًا وثلثًا وقبض ذلك سنتين إلى أن عمرت ضيعته المردودة عليه ثم وفره
1 / 25
وحمل من فاضل ارتفاع الضيعة مائتي ألف دينار في كل سنة.
أرزاق أكابر الكتاب وأصحاب الدواوين والخزان والبوابين والمديرين والأعوان وسائر من في الدواوين؛ وثمن الصحف والقراطيس والكاغد سوى كتاب دواوين الاعطاء وخلفائهم على مجالس التفرقة وأصحابهم وأعوانهم وخزان بيت المال، فإنهم يأخذون أرزاقهم بما يوفرونه من أموال الساقطين وغرم المخلين بدوابهم، من جملة أربعة آلاف دينار وسبعمائة في الشهر، مائة وستة وخمسين دينارًا وثلثين. جاري إسحاق بن إبراهيم القاضي وخليفته يوسف بن يعقوب والد أبي عمر وأولادهما وعشرة نفر من الفقهاء، من جملة خمسمائة دينار في الشهر، ليوم ستة عشر دينارًا وثلثي دينار. جاري المؤذنين في المسجدين الجامعين والمكبرين والقوام والأئمة والبوابين وثمن الزيت للمصابيح والحصر والبواري والماء والخلوق، وثمن الستائر في الصيف والحباب والخزف والعمارة في شهر رمضان من جملة مائة دينار في كل شهر، ثلاثة دنانير وثلثًا. نفقات السجون وثمن أوقات المحبسين ومائهم وسائر مؤنهم في جملة ألف دينار وخمسمائة دينار في الشهر، خمسين دينارًا. نفقات الجسرين وثمن ما يبدل من سفنهما والقلوس وأرزاق الجسارين من جملة ثلثمائة دينار في الشهر، عشرة دنانير. نفقات البيمارستان الصاعدي ولم يكن يومئذ غيره وأرزاق المتطببين
1 / 26
والمئانين والكحالين ومن يخدم المغلوبين على عقولهم والبوابين والخبازين وغيرهم وأثمان الطعام والأشربة من جملة أربعمائة وخمسين دينارًا في الشهر، خمسة عشر دينارًا. فتلك النفقة كل يوم على ما بين من وجوهها سبعة آلاف دينار. وأجري الأمر على هذا سنتين. ثم أمر عبيد الله بن سليمان وبدرًا بألا يحضرا ولا أحد من القاد والأولياء الدار في يومي الجمعة والثلاثاء لحاجة الناس في وسط الأسبوع إلى الراحة والنظر في أمورهم والتشاغل بما يخصهم، ولأن يوم الجمعة يوم صلاة وكان يحبه لأن مؤدبه كان يصرفه فيه عن مكتبه. وتقدم إلى عبيد الله بأن يجلس في يوم الجمعة للمظالم العامة، وإلى بدر بأن يجلس للمظالم الخاصة، ومنع من أن يفتح في هذين اليومين ديوان أو يخرج شيء إلى مجلس التفرقة على الجيش خاصة، فوفر من مالها أربعة آلاف دينار وسبعمائة دينار وسبعين دينارًا، منها: مال النوبة ألف دينار، المماليك ألف دينار، التسعينية ألف وخمسمائة دينار، المختارين ستمائة دينار، الجبليين خمسمائة دينار، أصناف خدم الدار مائة وعشرين دينارًا، شحنة الشرطة خمسين دينارًا، يكون ذلك لثمانية أيام في كل شهر ثمانية وثلاثين ألفًا ومائةً وستين دينارًا، ولسنة أربعمائة وسبعة وخمسين ألف دينار، وتسعمائة وعشرين دينارًا.
ورسم أن يحمل هذا الموفر إلى مؤنس الخادم ليجعله في بيت مال الخاصة ليصرف فيما يحتاج إليه من نفقات الموسم ومن يخرج في الغزوات الصائفة ونفقات الأبنية والمرمات والحوادث والملمات والرسل الواردين والفداء.
1 / 27
وزارة أبي الحسن الأولى
وكان أبو الحسن بن الفرات يتبع أبا العباس أخاه وينوب عنه إلى أن توفي أبو العباس فتقلد الأعمال رياسةً. وولي الوزارة ثلاث دفعات في أيام المقتدر بالله، فالأولى منها بعد قتل العباس بن الحسن وزوال فتنة عبد الله بن المعتز. قال أبو الحسن ثابت بن سنان فيما أرخه من الأخبار: لما زالت فتنة عبد الله بن المعتز قلد المقتدر بالله مؤنسًا الخادم الشرطة بالحضرة مكان ابن عمرويه، وأنفذه إلى أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات بخاتمه ليحضره ويقلده وزارته، وكان أبو الحسن مستترًا عند بعض التجار من جيران داره بسوق العطش، فظهر لمؤنس وركب معه إلى دار السلطان، ووصل إلى المقتدر بالله رحمة الله عليه في يوم الأحد لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين ومائتين، فخاطبه بما سكن منه وأعلمه تعويله في تدبير الأمور عليه، وخلع عليه من غد خلع الوزارة، وركب وفي موكبه أبو القاسم غريب الخال والحجاب والأمراء والقواد والغلمان وسائر الناس حتى صار إلى داره بسوق العطش، ونظر في الأمور ورتب مؤنسًا في المعونة، وأمر جماعةً من القواد بطوف البلد ليلًا والايقاع بأهل الدعارة ومن يرونه متعرضًا لنهب دار وأخذ مال، لأن أصاغر الجند والعوام قد كانوا قصدوا دار العباس ابن الحسن ودورًا اتصلت بها ونهبوها. وانتقل أبو الحسن بن الفرات من بعد ذلك إلى ما أقطعه المقتدر بالله إياه من دار سليمان بن وهب بباب المخرم على دجلة، وما يجاورها من دار إبراهيم بن سليمان،
1 / 28
والاصطبل الذي كان للسلطان، والدور التي كانت في يد داية المكتفي بالله، ومساحة ذلك مائة ألف وثلاثة وسبعون ألفًا وثلثمائة وستة وأربعون ذراعًا، وغير ذلك وجدده وأنشأ المجالس الجليلة والأبنية الحسنة وعمل للدار مسناة مشرفة على دجلة، وأقطعه المقتدر بالله أيضًا الضياع التي كان المكتفي بالله أقطعها العباس بن الحسن وارتفاعها خمسون ألف دينار، وأجرى له خمسة آلاف دينار في كل شهر، وللمحسن والحسين والفضل أولاده ألفًا وخمسمائة دينار أثلاثًا بينهم. وسلم إليه علي بن عيسى ومحمد بن عبدون فاعتقلهما في دار بدر اللاني، وقرر عليهما مصادرةً خففها عن علي بن عيسى، وثقلها على محمد بن عبدون لعداوة كانت بينهما. ثم تكفل بتخليصهما وإبعادهما من الحضرة وقال للمقتدر: إنهما لم يدخلا في أمر عبد الله بن المعتز ولا حضرا داره وقت البيعة إلا عن ضرورة، وأخرج محمد بن عبدون إلى الأهواز، وعلي بن عيسى إلى واسط بعد أن أعطي سوسنًا الحاجب خمسة آلاف دينار كفه بها عن ذكر علي بن عيسى والاغراء به، وكتب إلى وكيله بواسط بخدمته وإقامة ما يحتاج إليه لنفقته، وأنفذ معه حافظًا من جهته، ومع محمد بن عبدون خادمًا من خدم المقتدر بالله، ووافقه على منعه من مكاتبة أحد أو قراءة كتابه. وجرت أمور أبي الحسن، والأمور في نظره ما ليس غرضنا استيفاءه على سياقته، وإنما نورد أطرافًا منه وما كان منشورًا مما لم تتضمن التواريخ ذكره.
وكان محمد بن داود بن الجراح قد وزر لعبد الله بن المعتز ودبره. فلما انتفض أمره استتر وأخفى شخصه. وذكر أبو الحسن بن سنان أن موسى
1 / 29
ابن عيسى كاتب مؤنس عرض على أبي الحسن بن الفرات رقعة من محمد ابن داود، فلما قرأها قال: تقول له الاستتار صناعة وجرمك عظيم، وأمرك بعد طري. فتوقف إلى أن تخلق القصة، ثم دعني فإني أسوق الأمر إلى أخذ أمان الخليفة لك بخطه والاشهاد عليه في الوفاء به وإظهارك وبلوغ إيثارك. فلما عاد موسى ابن عيسى إلى محمد بن داود بذلك ارتاب بقول ابن الفرات، وشك فيه، وقدر أنه على وجه المغالطة والمدافعة ليستمر عليه الاستتار والنكبة فقال: أي ذنب لي أحتاج معه إلى زيادة في الاستظهار ومطاولة الانتظار؟! ومضى إلى سوسن الحاجب، فلما استؤذن عليه لم يصدق، وظن أنه رسول منه، واستثبت حاجبه واستفهمه، فخرج وعاد وقال: قد حضر هو بنفسه. فعجب من ذلك وأدخله، وأنهى خبره إلى المقتدر بالله، فأمره بتسليمه إلى مؤنس الخازن، فسلمه إليه، فقتله وطرحه على باب سقاية حتى أخذه أهله ودفنوه، وعرف أبو الحسن بن الفرات خبره فغمه أمره وقال: كان على عداوته لي فاضلًا راجحًا ومتقدمًا في الصناعة بارعًا، وقد جرى عليه من القتل صبرًا أمر عظيم. وحدث أبو عبد الله زنجي قال: كنت بحضرة أبي الحسن بن الفرات في أول ما وزر إذ كتب إليه صاحب الخبر بحضور رجل يقول: إن عنده نصيحةً لا يذكرها إلا للوزير فاستدعاه وسأله عما عنده، فأسر إليه بما لم نقف عليه، وتقدم إلى العباس الفرعاني حاجبه بأن يجلسه في دار العامة إلى أن يطلبه منه، ثم أمره بجمع الرجال الذين برسمه، ودعا أبا بشر بن فرجويه وقال له: قد حضر هذا الرجل المتنصح، وذكر أنه يعرف موضع محمد بن داود، وأنه بات البارحة عنده،
1 / 30