250

Tuhfat al-Asmāʿ waʾl-Abṣār

تحفة الأسماع والأبصار

ولما وصلنا هذا الماء في ذلك الوادي، وشربت منه مواشينا هلك بعضها لانقطاع بطونها من كثرة الماء الذي شربته، ثم أن هذا الرجل الذي[85/أ] وصل إلينا أخبرنا بأخبار سارة، وهي أن الأمير الذي بعثه أمره أنه متى اتفق بنا بعث إليه رسولا يعلمه ليتلقانا بعسكره، ففعل كما أمره، وأمرنا بسرعة الإرتحال من ذلك المحل، وأمر أصحابه أن يكونوا في أعالي الجبال من يمين وشمال ليكونوا عيونا، وأحسن التدبير فينا، وكان ينزل بنا في أماكن حصينة لا يكاد يرتقيها القالة إن الذي يلوذ بالجبال لا يطلبونه ولا يعبأون به، وإنما يأخذو من وجدوا في سهول الأرض، فكان ذلك الخبر عنهم يؤنسنا، ويشد عزيمتنا مع حسن التوكل على الله عز وجل، وما نحن عليه من اليقين والإلتجاء إليه، والإعتماد عليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وإلا فإن الحال أعظم وحقيقته مما لا يضبطها القلم، واستمر بنا السير في صحبة ذلك الرجل ومن معه قدر أربع مراحل، ثم اجتمعنا بهذا الأمير المذكور المسمى بلغتهم (أحد أنسبة) ومعنى هذا الاسم واحد الأسود هذا اسمه العلم، ولقبه بعل جادة وهذا اللقب يتسمى به كل من يتولى ذلك القطر من قبل ملك الحبشة.

Page 374