Tuhfat al-Asmāʿ waʾl-Abṣār
تحفة الأسماع والأبصار
ارسال القاضي العلامة الحسن بن أحمد الحيمي إلى سلطان الحبشة[77/ب] ومن ذلك أنه تقدم في سيرة الإمام المؤيد بالله -عليه السلام- مكاتبة من ملك دنيا صاحب الحبشة، وهو ملكها الأعظم، فأرسل إلى الإمام -عليه السلام- مكاتبة وهدية فأجابه الإمام -عليه السلام- بما مر في السيرة المؤيدية، وكان قد طلب من حي الإمام -عليه السلام- رجلا يلقي إليه ما تحمله الأوراق، ولا يودع صدور الرجال، مع رجل منهم اسمه سالم، وقد فهم الإمام -عليه السلام- أنه يريد مرشدا وداعية يعلمه القرآن وأركان الإسلام، فانتهوا في ما بلغ إلى جانب من الطريق وبلغهم وفاة الإمام المؤيد بالله -عليه السلام - وقيام الإمام بعد الإمام فراسلوا إلى ملكهم بما بلغهم، فأمرهم بالمضي إلى الإمام القايم بعد الإمام، ولبثوا في الطريق نحو السنة كما سيأتي، فلما وصلوا إلى محروس شهارة عمرها الله بالإيمان عظمهم الإمام -عليه السلام- وتابع لهم الإحسان، ثم أرسل معهم القاضي الأفضل، العالم الأعمل، ذا العزيمة الماضية، والهمة السامية، شرف الدين الحسن بن أحمد بن صالح اليوسفي ثم الحيمي -أسعده الله وأطال بقاه- وهذا القاضي من عيون الشيعة، وأهل الحلم والكرم والصبر والأناة، والمعرفة لمخالطة الكبراء، وحسن الدعاء إلى الحق، وأصحبه بما يحتاجه من الكتب، ورغب من صحبه من سفره، وأعطاه مطلوبه وهو مع ذلك يعظمهم ويذكرهم بالله ويوصيهم بتقوى الله، وأن يعلموا أولئك القوم بالفعال قبل المقال، وقال فيما قال للقاضي -أيده الله-: لست رسولي إنما انت تبلغ عن الله سبحانه، وعن رسوله وكثير من نحو هذا وكتب الإمام -عليه السلام- جوابا على السلطنة هذا نسخته................. [78/أ]................. [78/ب].......... .
[79/أ][وقد ذكر القاضي -أيده الله- سفره هذا من ابتدائه إلى انتهائه بما هذا نسخته وهو أصدق راو وأوفى حاكم، وقد كتب الله له ولمولانا (عليه السلام) أجر ما قصد من الهداية، وعملا بما ندب الله له ورسوله صلى الله عليه وعلى آله إلى الشمايل الحسنة، في قوله عز وجل {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة } وبقوله تعالى{فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب } صدق الله العظيم.
الحمد لله على ما آتانا من الإيمان والتقوى، ونصبه لنا من البرهان الموصل إلى التمسك بالسبب الأقوى، وعلمنا من البيان ما يؤثر خيره للأعقاب ويروى، وأشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له شهادة أنور من فلق الصباح وأضوى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أسرى بجسده إلى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى، وبعثه إلى العالمين على اختلاف الأديان واتباع الهوى، فأخرج بعث هدايته في رياض قلوب أوليائه عشب الإيمان فأصبح للنظارة أحوى، وهشم به بنية الطغيان فأباد خضراءهم بما سن عليهم من شآبيب كل غارة شعواء، صلى الله عليه وعلى آله صلاة يبلغه بها كل أمل ورجوى، وسلم علهم أجمعين سلاما لا يقحل غصن دوحته ولا يذوى.
Page 353