The Muhammadan Message
الرسالة المحمدية
Publisher
دار ابن كثير
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٣ هـ
Publisher Location
دمشق
Genres
ما شهد به لمحمد ﷺ أقرب الناس إليه وأعرفهم به:
وإن أم المؤمنين عائشة التي صحبت الرسول تسع سنوات، وكانت أحبّ أزواجه إليه بعد خديجة تقول في وصفه ﷺ: إنه لم يكن يعيب أحدا، ولا يجزي على السوء بسوء، بل كان يعفو، ويصفح، وكان بعيدا عن السيئات، إنه لم ينتقم من أحد لنفسه، ولم يضرب غلاما، ولا أمة، ولا خادما قطّ، بل لم يضرب حيوانا، ولم يردّ سائلا إلا إذا لم يكن عنده شيء.
وعليّ صحب النبيّ ﷺ منذ صباه إلى أن شبّ، فلم يكن أحد من أهل بيته أعلم منه بأخلاقه ﷺ، وهو يشهد لرسول الله أنه كان طلق الوجه، ليّن الجانب، خافض الجناح، دمث الأخلاق، رحيما، ولم يكن فظا، ولا جافيا، ولا ينطق بسوء، ولا يتتبع عورات الناس، ولا يتجسّس على عيوبهم، فإن سأله أحد ما لا يرضى؛ سكت، ولم يبد له ما يسخطه، فيفطن من يعلم خلق الرسول ماذا يريد: لأنه لم يكن يحب أن يكسر قلب أحد بل كان يأسر القلوب، ويؤلفها؛ لأنه كان رؤوفا رحيما. فيقول عليّ كرم الله وجهه: إنّه ﷺ كان كريما، جوادا، وفياضا سخيا، صادق القول، ليّن العريكة، من جالسه أحبّه، ومن رآه بديهة هابه، ويقول عنه ناعته: لم أر مثله قبله، ولا بعده. وقد أبدى (كبّن) المؤرخ الإنكليزي الذائع الصيت هذا الرأي نفسه حين درس سيرة الرسول ﷺ.
ويشهد هند- ابن خديجة «١» من زوجها الأول، وهو ربيب الرسول في حجره- أنّه ﷺ كان ليّن الطبع، غير جاف ولا فظ، ولم يكن يسيء إلى أحد، ولا يصدر عنه نيل من شرف أحد، أو غضّ من كرامته، وكان يشكر
(١) هو هند بن أبي هالة، وهو ربيب رسول الله ﷺ، أمّه أم المؤمنين خديجة ﵂، وكان أبوه حليف بني عبد الدار. واختلف في اسم أبي هالة، كان زوج خديجة ﵂ قبل النبي ﷺ، فولدت له هند بن هند، وابن ابن ابنه هند بن هند بن هند. وشهد هند بن أبي هالة بدرا، وقتل مع علي- ﵁ يوم الجمل، روى هند بن أبي هالة حديث صفة النبي ﷺ.
1 / 151