The Muhammadan Message

Syed Sulaiman Nadvi d. 1373 AH
14

The Muhammadan Message

الرسالة المحمدية

Publisher

دار ابن كثير

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٣ هـ

Publisher Location

دمشق

Genres

للياقوت والزمرد محرومة هذا الجمال الذي أخذ بالعيون، والصفات التي تحيّر الألباب. ومن ذا الذي يغذو الحيتان في أعماق البحار، والحيوانات في الآجام «١» والصحاري القاحلة؟ ومن ذا الذي يشفي الحيوان إذا مرض، ويقيه عوادي الحرّ والقرّ «٢» في شهور القيظ وليالي الشتاء؟ من جرّاء ذلك نرى هذا الاختلاف البادي في صور أفراد نوع واحد من الحيوان، وهو يرجع إلى عوامل مختلفة: من برودة الجوّ، وحرارة البيئة، وطبيعة المناخ. فالكلب الأوربي يختلف عن الكلب الإفريقيّ بقدر ما بين بلاديهما من اختلاف في الجوّ والبيئة، فتختلف بسبب ذلك حاجاتهما، وتتباين لوازم حياتهما. وقد هيأت الفطرة الإلهية لكلّ منهما أسباب العيش، ولوازم الحياة التي تلائم طبعه، وتقضي بها حاجاته. فللكلب الأوربيّ ما ليس لأخيه الكلب الإفريقيّ من الفرو «٣» الأثيث الضافي «٤» . وهكذا ترى الفرق جليا بين الحيوانات الشرقية والحيوانات الغربية في فرائها، وشعورها، وأوبارها، وبراثنها، ومخالبها، وأظفارها بل ترى الفرق أوضح وأجلى في سحنها، ووجوهها، وهيئات جلودها. ومردّ ذلك إلى حكمة خالقها الحكيم المدبّر، العليم بكل مخلوق، وما يحتاج إليه في غذائه، وبقائه، ولوازم حياته. لقد تبين مما تقدّم: أنّ الخالق القيّوم ﷻ تكفّل بحاجات مخلوقاته المسلوبة الإحساس والشعور، وأنّ المخلوقات التي رزقت الشعور والإحساس قد وكلت إليها الفطرة الإلهية أمر السعي لتحصيل حاجاتها على قدر ما هي حاصلة عليه من الاستعداد الفطريّ لذلك، فالإنسان مكلّف بالسعي في أسباب رزقه، ومتاع حياته، وهو يلقى من

(١) الآجام: (جمع الأجمة) الشجر الكثيف الملتف. (٢) القرّ: البرد. (٣) الفرو: جلود بعض الحيوان، كالدّببة والكلاب، والثعالب، تدبغ ويتخذ منها ملابس للدّفء وللزينة (ج) فراء. (٤) الضافي: التامّ السّابغ.

1 / 18