Al-Ikhtiyārāt al-fiqhiyya li-l-Shaykh ʿUbayd Allāh al-Mubārakfūrī Kitāb al-ṣiyām wa-l-iʿtikāf
الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف
Genres
ولو كان الفطر عزمة من الله تعالى، لم يتحمل النبي ﷺ مشقة الصيام في شدة الحر، وإنما أراد أن يسن لأمته ليقتدوا به (١).
الدليل الثالث: عن أبي سعيد ﵁ قال: سافرنا مع رسول الله ﷺ إلى مكة ونحن صيام، قال: فنزلنا منزلا، فقال رسول الله ﷺ: «إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم»، فكانت رخصة، فمنا من صام، ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر، فقال: «إنكم مصبحو عدوكم، والفطر أقوى لكم، فأفطروا»، وكانت عزمة، فأفطرنا، ثم قال: «ولقد رأيتنا نصوم، مع رسول الله ﷺ بعد ذلك، في السفر» (٢).
وجه الاستدلال: أن النبي ﷺ بدأ بالصيام فدل على أنه الأفضل، وإنما أفطر ﷺ ليقتدي به الصحابة، وأمرهم بذلك بقصد التقوي على لقاء العدو (٣).
الدليل الرابع: عن جابر بن عبد الله ﵄: «أن رسول الله ﷺ خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه، حتى نظر الناس إليه، ثم شرب» (٤).
وفي رواية: فقيل له: «إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر» (٥).
وجه الاستدلال: أن النبي بدأ ﷺ بالصوم فلما شكا الناس إليه أفطر، فذلك دليل على أن الصوم هو الأفضل (٦).
(١) ينظر: شرح البخاري لابن بطال ٤/ ٨٧.
(٢) سبق تخريجه صفحة (٢٠٤).
(٣) ينظر: التنبيه على مبادئ التوجيه ٢/ ٧٢٧ - ٧٢٨.
(٤) سبق تخريجه صفحة (٢٠٠).
(٥) رواه مسلم ٢/ ٧٨٦ رقم ١١١٤ في الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان.
(٦) ينظر: المبسوط للسرخسي ٣/ ٩٢.
1 / 209