43

The Doctrine of Belief in Predestination and Decree among the Salaf and its Impact on the Believer

عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر عند السلف وأثرها على المؤمن

Genres

الفصل الخامس: العلمانية (^١) وصلتها بالانحراف في مفهوم القدر إن العقيدة (يوم كانت سليمة، والإيمان قويًا فياضًا، والتمسك بما أمر الله به من حيطة وحذر وإعداد للقوة والتمكن قائمًا، لم يكن يمكن بأي حال من الأحوال أن يجد الغزو الفكري منفذًا ينفذ منه، وإن وجد منفذًا فلن يجد مكانًا يؤثر فيه، وإن وجد مكانًا ففي أندر الأحوال يقع ذلك، ولكن سرعان ما يقاوم ويعالج. هذا كله يحدث في حال يقظة الأمة ووعيها، وفي حال هيمنة العقيدة ونبضها، ويوم كانت الأمة كذلك لم تؤثر فيها تيارات الغزو الفكري، ولم تجد للنفوذ إليها سبيلًا. أما بعد أن غشت الانحرافات على حياة الأمة، وأصاب الضعف عقيدتها، فكان أمرًا متوقعًا أن تصبح هدفًا لحملات الغزو الفكري، وأن تسقط فريسة لها من أول وهلة تصطدم بها) (^٢). ومن هذه (الانحرافات الخطيرة التي ظهرت في تاريخ الأمة والتي ما تزال إلى وقتنا هذا، ما يسمى بالصوفية (^٣)، هذه الطائفة التي ابتلي الإسلام والمسلمون بها، والتي صارت مع الزمن طرقًا ومذاهب كثيرة ومذاهب عديدة. والصوفية من اعظم الرزايا التي رزئ بها الإسلام على طول تاريخه، والتي ألحقت بالمسلمين ما لا يعلمه إلا الله، من الضعف والخور والخنوع والخضوع للواقع المؤلم دون محاولة لتغيره) (^٤).

(^١) العلمانية: لفظ العلمانية ترجمة خاطئة لكلمة (Secularism) في الإنجليزية أو (Secularite) بالفرنسية، وهي كلمة لا صلة لها بلفظ العلم ومشتقاته على الإطلاق. والترجمة الصحيحة للكلمة هي "اللادينية" أو "الدنيوية"، لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب، بل بمعنى أخص هو ما لا صلة له بالدين، أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد. وهي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها. إذًا فالتعبير الصحيح للعلمانية هو " إقامة الحياة على غير دين " سواء بالنسبة للأمة أو الفرد. (^٢) الانحرافات العقدية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارهما في حياة الأمة، ص (٢/ ٢٤٦ - ٢٤٧)، علي الزهراني، الطبعة الثانية، دار طيبة، مكة، ١٤١٨ هـ. (^٣) الصوفية: نسبة إلى لبس الصوف، ويرى بعض الباحثين أن بداية التصوف هو الزهد في الدنيا، والتمسك بالأخلاق، ثم بعد ذلك تعددت فرق الصوفية، وازدادت بعض الفرق بعدًا عن الحق وغلوًا حتى قال بعضهم بالحلول والاتحاد، وقالوا بترك الواجبات وعمل المحرمات تعبدًا. انظر: تلبيس إبليس لابن الجوزي ص ١٦١، ومجموع الفتاوى (١١/ ٦ - ١٨)، نشأة الفلسفة الصوفية وتطورها لعرفان عبد الحميد ص ١١٥ - ١٢٤، المذاهب الصوفية ومدارسها لعبد الحكيم قاسم، معجم ألفاظ العقيدة ص ٢٤٨. (^٤) الانحرافات العقدية والعلمية ص (١/ ٧٠).

1 / 43