The Doctrine of Belief in Predestination and Decree among the Salaf and its Impact on the Believer
عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر عند السلف وأثرها على المؤمن
Genres
والإيمان بربوبية الله يقتضي أيضًا الإيمان والتسليم لتدبيره لكل شيء من شؤون العبد، بل ولشؤون الكون كله.
ومن وصل إلى هذه المنزلة من الرضا فإنه يستحق المغفرة، إذ يقول النبي ﷺ: «من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًا، وبمحمد رسولًا، وبالإسلام دينًا، غفر له ذنبه» (^١).
بل إن هذا يمتد أثره إلى يوم القيامة، حتى يكون حقًا على الله أن يرضيه ويدخله الجنة. يقول النبي ﷺ فيما يرويه عن ربه: «ما لعبدي عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة» (^٢).
٤ - من ثمرات الإيمان بالقدر: تحقيق العبودية لله ﷿:
وهو الغاية التي شمر إليها السالكون، وأمها القاصدون، ولحظ إليها العاملون، فتقر عينه بربه، ويسكن إليه قلبه، وتطمئن إليه جوارحه ويستولي ذكره على لسان محبه وقلبه، وتنقاد الجوارح لطاعته (^٣)، وذلك لأنه عبد لله، مربوب له يتصرف به كيف شاء، فيرض ويسلم بقضاء الله وقدره، فيعلم أن منع الله ﷾ لعبده المؤمن المحب عطاء، وابتلاءه إياه عافية. قال سفيان الثوري: منعه عطاء، وذلك: أنه لم يمنع عن بخل ولا عدم، وإنما نظر في خير عبده المؤمن فمنعه اختيارًا وحسن نظر، وهذا كما قال؛ فإنه سبحانه لا يقضى لعبده المؤمن قضاء إلا كان خيرًا له، ساءه ذلك القضاء أو سره. فقضاؤه لعبده المؤمن المنع عطاء؛ وإن كان في صورة المنع. ونعمة وإن كانت في صورة محنه. وبلاؤه عافية؛ وإن كان في صورة بلية. ولكن لجهل العبد وظلمه لا يعد العطاء والنعمة والعافية إلا ما التذ به في العاجل، وكان ملائمًا لطبعه، ولو رزق من المعرفة حظًا وافرًا لعد المنع نعمة، والبلاء رحمة، وتلذذ بالبلاء أكثر منه لذته بالعافية، وتلذذ بالفقر أكثر من لذته بالغنى، وكان في حال القلة أعظم شكرًا من حال الكثرة (^٤).
ويكون كالأعرابي الذي أصبح وقد مات له أباعر كثيرة فقال:
لا والذي أنا عبد في عبادته لولا شماتة أعداء ذوي إحن
ما سرني أن إبلي في مباركها وأن شيئًا قضاه الله لم يكن (^٥)
(^١) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن (٤/ ٨٦ - شرح النووي). (^٢) رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب العمل الذي يبتغى به وجه الله (١١/ ٢٤١ - فتح الباري). (^٣) مدارج السالكين ص (١/ ٤٣٠ - ٤٣١)، تحقيق محمد حامد الفقي، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، المغرب. (^٤) المرجع السابق (٢/ ٢١٥ - ٢١٦). (^٥) مختصر منهج القاصدين للمقدسي، ص ٣٣٨، الطبعة الثانية، تعليق عبد الله الأنصاري، دار المعرفة، بيروت، ١٤١٦ هـ.
1 / 22