165

Al-taʿlīq ʿalā al-qawāʿid al-muthlā

التعليق على القواعد المثلى

Publisher

دار التدمرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Genres

المثال الثالث عشر
قوله تعالى: " أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا " [يس: ٧١].
والجواب: أن يقال: ما هو ظاهر هذه الآية وحقيقتها حتى يقال إنها صرفت عنه؟
هل يقال: إن ظاهرها أن الله - تعالى - خلق الأنعام بيده كما خلق آدم بيده؟
أو يقال: إن ظاهرها أن الله - تعالى - خلق الأنعام كما خلق غيرها، لم يخلقها بيده، لكن إضافة العمل إلى اليد والمراد صاحبها معروفٌ في اللغةِ العربيةِ التي نَزَلَ بها القرآن الكريم.
أما القول الأول فليس هو ظاهر اللفظ لوجهين:
أحدهما: أن اللفظ لا يقتضيه بمقتضى اللسان العربي الذي نزل به القرآن، ألا ترى إلى قوله تعالى: " وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ " [الشورى: ٣٠]، وقوله: " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " [الروم: ٤١]، وقوله: " ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُم " [آل عمران: ١٨٢]، فإن المراد: ما كسبه الإنسان نفسه وما قَدَّمَهُ وإنْ عَمِلَهُ بغير يَدِهِ، بخلاف ما إذا قال: عَمِلْتُهُ بيدي؛ كما في قوله تعالى: " فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " [البقرة: ٧٩]، فإنه يدل على مباشرة الشيء باليد.

1 / 172