253

Al-Qawl al-mufīd ʿalā Kitāb al-Tawḥīd

القول المفيد على كتاب التوحيد

Publisher

دار ابن الجوزي

Edition Number

الثانية

Publication Year

محرم ١٤٢٤هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره
........................................................................

قوله: ومن الشرك: من: للتبعيض، فيدل على أن الشرك ليس مختصا بهذا الأمر. والاستغاثة: طلب الغوث، وهو إزالة الشدة.
وكلام المؤلف ﵀ ليس على إطلاقه، بل يقيد بما لا يقدر عليه المستغاث به، إما لكونه ميتا، أو غائبا، أو يكون الشيء مما لا يقدر على إزالته إلا الله تعالى، فلو استغاث بميت ليدافع عنه أو بغائب أو بحي حاضر لينزل المطر، فهذا كله من الشرك، ولو استغاث بحي حاضر فيما يقدر عليه كان جائزا، قال الله تعالى: ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ ١ وإذا طلبت ومن أحد الغوث وهو قادر عليه، فإنه يجب عليك تصحيحا لتوحيدك أن تعتقد أنه مجرد سبب، وأنه لا تأثير له بذاته في إزالة الشدة، لأنك ربما تعتمد عليه وتنسى خالق السبب، وهذا قادح في كمال التوحيد.
قوله: "أو يدعو غيره": معطوف على قوله: "أن يستغيث"؟ فيكون المعنى: من الشرك أن يدعو غير الله، وذلك لأن الدعاء من العبادة، قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ ٢ عبادتي أي: دعائي، فسمى الله الدعاء عبادة.. وقال ﷺ " إن الدعاء هو العبادة "٣.

١ سورة القصص آية: ١٥.
٢ سورة غافر آية: ٦٠.
٣ رواه: أحمد في "المسند" (٤/٢٦٧)، والترمذي (الدعوات، باب الدعاء مخ العبادة، ٩/٩٢) - وقال: "حديث حسن صحيح"-، وأبو داود (كتاب الصلاة، باب الدعاء، ٢/ ١٦١)، وابن ماجه (كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء، ٢/١٢٥٨)، والحاكم (١/٤٩٠) - وصححه ووافقه الذهبي-، والطبراني في "الصغير" (٢/٩٧) . وقال ابن حجر في "الفتح" (١/٤٩): "إسناده جيد".

1 / 260