94

The Arabs in Sicily

العرب في صقلية

Publisher

دار الثقافة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٩٧٥

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

في صقلية قد أظهروا رءوسهم عند قيام الدعوة الفاطمية كما تقوت نفوس المتشيعين. ويكاد ما تقدم من بحث يكون قاصرًا على الفقه دون غيره من الدراسات كالحديث والتفسير والقراءات لأن المعلومات التي بين أيدينا عن هذه الفروع لا تعدو النتف، وهي لا تطلعنا على شيء مهما جهدنا في تتبعها واستقصائها فقد يقال لنا مثلا أن عمار بن منصور الكلبي كان ذا يد في الفقه والحديث (١) وأن ابن مكي كان فقيهًا محدثًا (٢) أو ما هو من هذا القبيل. ولكن مثل هذه الأخبار لا تستند البحث بشيء ذي بال. وكل ما هو واضح لدينا أن دراسة الحديث كانت تدور؟ إبان ازدهار الدراسات الدينية؟ حول الموطأ أو ملخصات منه، وأن عبد الحق الصقلي والسمنطاري من أكبر من قاموا بهذه الدراسة في عصر واحد. ومن الطريف أن أحد تلامذة السمنطاري روى في مصر حديثًا رواه فيها تلميذ آخر من تلامذة عبد الحق (٣) . وقد عقد ابن مكي في كتاب تثقيف اللسان فصلا في أغلاط المحدثين (٤) وهو فصل لا يدل على نشاط متميز بخصائص معينة، ولكن له دلالة أبعد، ففيه إشارة إلى أن علماء صقلية كانوا يتحرزون من الخطأ اللغوي في الحديث،وربما لم يكونوا يجيزونه إطلاقًا. فابن مكي لم يكن لغويًا فحسب، ولكنه كان فقيها محدثًا، وتعقبه لأخطاء الباحثين لا يميله عليه الحس اللغوي وحده، وإنما يبعث عليه أيضًا مبدأه الفقهي، وابن مكي أيضًا ممن سمع عبد الحق وتتلمذ له. وإذا كنا نعرف هذا القدر الضئيل عن الحديث والمحدثين، فنحن في

(١) العماد الاصفهاني: الخريدة الجزء الحادي عشر الورقة ٤٢ والترجمة رقم ٣٧ من مجموعة الشعر. (٢) المصدر نفسه الورقة ٤٥ والترجمة رقم ٤٦ من مجموعة الشعر. (٣) هو قول الرسول: الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله، انظر معجم السلفي الورقة ١٢٠، ٢٤٦. (٤) هو الباب السادس والثلاثون.

1 / 103