Manhaj al-Shaykh ʿAbd al-Razzāq ʿAfīfī wa-juhūduhu fī taqrīr al-ʿaqīda waʾl-radd ʿalā al-mukhālifīn
منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين
Genres
وهذا باطل قطعًا وعقلًا وشرعًا؛ لما يلزم عليه من أن الرسول ﷺ عجز عن البيان، أو قصر في البلاغ، وهذا من أبطل الباطل؛ فإن النبي ﷺ بلَّغ البلاغ المبين، وقدرته في البيان فوق قدرة كل أحد، فإذا بطل اللازم بطل الملزوم.
ويقال أيضًا: هذا اللعن والتغليظ الشديد إنما هو فيمن اتخذ قبور الأنبياء مساجد، وجاء في بعض النصوص ما يَعُم الأنبياء وغيرهم، فلو كانت هذه هي العلة لكانت منتفية في قبور الأنبياء؛ لكون أجسادهم طرية لا يكون لها صديد يمنع من الصلاة عند قبورهم، فإذا كان النهي عن اتخاذ المساجد عند القبور يتناول قبور الأنبياء بالنص، علم أنَّ العلة ما ذكره هؤلاء العلماء الذين سبق ذكر بعض أقوالهم" (١).
هـ. شد الرحال إلى زيارة قبر المصطفى ﷺ.
قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي ﵀: " ولا يجوز أن يسافر إلى المدينة من أجل زيارة قبر النبي ﷺ أو قبور أخرى؛ لما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) (٢)، والمشروع زيارة مسجده والصلاة فيه وليست بواجبة، ومن زار مسجده ﷺ شرع له أن يسلم عليه وعلى صاحبيه ﵄، وهذا قول ابن القيم ﵀ وشيخه شيخ الإسلام ابن تيمية وجمع كثير من أهل العلم رحم الله الجميع، عملًا بالحديث المذكور، وبذلك يُعلم أنه لا يجوز في أصح قولي العلماء شد الرحال لا لقبر النبي ﷺ ولا لقبر الخليل ولا لغيرهما من القبور " (٣).
وهو القول الصحيح في هذه المسألة، بمنع شد الرحال إلى القبور، والأماكن الفاضلة، لأجل التعبد.
وهذه المسألة من أشهر المسائل التي لاقى شيخ الإسلام ابن تيمية - لأجل الإفتاء بها- العنت والاضطهاد والسجن، وهي المحنة التي مات فيها ﵀ مسجونا بسجن القلعة
(١) ينظر: فتح المجيد (٢٥٥ - ٢٥٦).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم (١١٣٩)، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم (١٣٩٧).
(٣) فتاوى اللجنة (١/ ٤٢٩ - ٤٣٤).
1 / 231