230

Manhaj al-Shaykh ʿAbd al-Razzāq ʿAfīfī wa-juhūduhu fī taqrīr al-ʿaqīda waʾl-radd ʿalā al-mukhālifīn

منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين

Genres

مساجد، سواء كان ذلك ببناء المساجد عليها أو بقصد الصلاة عندها، بل أئمة الدين متفقون على النهي عن ذلك" (١).
وقال ابن القيم ﵀: " يجب هدم القباب التي على القبور لأنها أسست على معصية الرسول لأنه قد نهى عن البناء على القبور. فبناء أسس على معصيته ومخالفته بناء غير محترم، وهو أولى بالهدم من بناء الغاصب قطعًا، وقد أمر رسول الله ﷺ بهدم القبور المشرفة" (٢).
والسبب في ذلك حرص الشارع على جانب التوحيد، ومنع وسائل الشرك، لأن بناء المساجد عليها يؤدي إلى إقامة الصلاة فيها وهذا فيه مشابهة للمشركين في تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها، كذلك يؤدي إلى تعظيم أصحاب القبور مما قد يصل لصرف العبادات إلى أصحاب القبور وهذا شرك أكبر.
ومن الجدير بالذكر أن نهي الرسول ﷺ عن اتخاذ القبور مساجد ليس المقصود منه منع بناء المساجد عليها فقط، بل يدخل في ذلك الصلاة فيها والعكوف عليها من غير بناء. وفي ذلك يقول الإمام ابن عبد البر ﵀ في شرحه لقوله ﵊: " قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد": "في هذا الحديث ... تحريم السجود على قبور الأنبياء، وفي معنى هذا أنه لا يحل السجود لغير الله ﷿، ويحتمل الحديث أن لا تجعل قبور الأنبياء قبلة يصلى إليها، وكل ما احتمله الحديث في اللسان العربي فممنوع منه، لأنه إنما دعا على اليهود محذرًا لأمته ﷺ من أن يفعلوا فعلهم" (٣).
"أما من قال بأن النهي عن البناء على القبور يختص بالمقبرة المسبَّلة، والنهي عن الصلاة فيها؛ لتنجسها بصديد الموتى، وهذا باطل من وجوه:
منها: أنه من القول على الله بغير علم. وهو حرام بنص الكتاب.
ومنها: أن ما قالوه لا يقتضي لعن فاعله والتغليظ عليه، وما المانع له من أن يقول: من صلى في بقعة نجسة فعليه لعنة الله. ويلزم على ما قاله هؤلاء: أن النبي ﷺ لم يبين العلة، وأحال الأمة في بيانها على من يجيء بعده ﷺ، وبعد القرون المفضلة والأئمة.

(١) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٤٨٨).
(٢) ينظر: إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان لابن قيم الجوزية (١/ ٢١٠).
(٣) التمهيد لابن عبد البر (٦/ ٣٨٣).

1 / 230