{فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى}
إنما أمر بخلع نعليه لوجوه:
الأول: ما أفاده الظاهر أن ذلك لحرمه المكان، فجعل ذلك علة للخلع.
قال جار الله: روي أنه خلعهما وألقاهما من وراء الوادي؛فيكون ذلك احتراما للبقعة, وتعظيما لها، وتشريفا لقدسها.
وقيل: أمر بخلع نعليه ؛ليباشر بقدميه الأرض؛ فتصيبه بركة الوادي: عن الحسن، وابن جريج، ومجاهد، وسعيد بن جبير.
وقيل: أمر بخلع نعليه؛ لأن الحفوة تواضع لله عز وجل؛ ومن ثم طاف السلف بالكعبة حافين.
قال جار الله: ومنهم من استعظم دخول المسجد بنعليه وكان إذا ندر منه الدخول منتعلا تصدق.
وقيل: كانا من جلد حمار ميت :عن كعب ,وعكرمة، ويحتمل أن يكون هذا جائزا في شرعهم قبل ذلك، ويحتمل أن يكونا مدبوغين، ويحتمل أن يكون لبسهما لضرورة: ذكر الاحتمالات الحاكم.
وعن أبي مسلم: كان موسى -عليه السلام- يلبسهما اتقاء من الأنجاس، وخوفا من الحرشان، فأعلم بالأمن والطهارة.
وقيل: أمر بالخلع؛ لأن من بلغ المقصد خلع نعليه فأمر بالخلع ليقف.
وهاهنا بحث :وهو أن يقال: ما تعبدنا في مثل هذا هل يستحب خلع النعل؛ لأن ذلك من التواضع، ولهذا قد روي أن عليا -عليه السلام- كان يمشي حافيا إذا عاد مريضا أو شيع جنازة، وفي الجمعة والعيدين، أو لا يستحب ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى تارة حافيا وتارة منتعلا، رواه في سنن أبي داود، وقال -عليه السلام-: ((صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود)).
وفي السنن عنه صلى الله عليه وآله وسلم : ((خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا أخفافهم)) فقد قال في الانتصار: يستحب أن يصلى في النعل لهذا الحديث، كذلك يقال: هل يستحب التواضع للإمام والعالم بالمشي بين يديه حافيا أو لا؟ هذا يحتاج إلى تحقيق وبحث، وقد روى أبو جعفر أن الناصر -عليه السلام- كان يمنع الناس من تقبيل قدميه لئلا يتشبه بالظلمة.
قوله تعالى:
Page 205