280

Taysir Tafsir

تيسير التفسير

Genres

[الزمر: 42]،

والله يحيى ويميت

[آل عمران: 156]، وقال:

يحييكم ثم يميتكم

[الجاثية: 26]، ولا شك أن الله هو خالق الموت والحياة كمانزل، ولا نزاع فى ذلك، إلا أن إطلاق التوفى لا بمعنى قبض الروح جائز لوروده كقوله تعالى: توفته رسلنا، قل يتوفاكم ملك الموت { ظالمى أنفسهم } بترك الهجرة، ثم بالخروج إلى بدر مع المشركين والقتال معهم، والردة، أخرجهم المشركون معهم إلى بدر غير عالمين بإسلامهم، أو عالمين به قاهرين لهم أو راضين، كقيس بن الفاكه، والحرث ابن زمعة، وقيس بن الوليد، وأبى العاص بن منبه، وعلى بن أمية، ولما رأوا ضعف المسلمين قالوا: غر هؤلاء دينهم فارتدوا، وقاتلوا المسلمين، فقوى الله قلوب المؤمنين وأمدهم بالملائكة، وقيل المراد من لا يخرج إلى الجهاد معه صلى الله عليه وسلم، وقيل المنافقون { قالوا } أى الملائكة توبيخا لهم { فيم } فى أى دين، أو فى أى حال من ضعف أو قوة { كنتم قالوا } اعتذار بالضعف عن مقاومة المشركين والهجرة، وإعلان الدين ونصره { كنا مستضعفين فى الأرض } أرض مكة ومايليها، فلم نقدر على إظهار الإسلام والعمل به، وعلى ترك الخروج مع المشركين، ومقتضى الظاهر كنا فى استضعاف، أو لم نكن فى شىء، لكن قوى جوابهم بما قال، وطابق قالوا بقالوا { قالوا } أى الملائكة تكذيبا، أو إفحاما لهم، أو توبيخا، وتقريرا وتكذيبا لأنهم استطاعوا الحيلة واهتدوا السبيل { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها } إلى المدينة أو الحبشة، كما فعل المسلمون، أو إلى موضع آخر يأذن لكم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تقيمون فيه دينكم، جواب الملائكة هذا ظاهر فى أنهم موحدون ظالمون بترك الهجرة ولو كان المشركون أيضا مخاطبين بالفروع { فأولئك مأواهم جهنم } وخبر إن قالوا الأول، والرابط محذوف، أى قالوا لهم، أو جملة أولئك الخ، والفاء لشبه الذين باسم الشرط، إذا حملناه على العموم، وتارك الهجرة مشرك ولو أسلم على الصحيح، وقيل فاسق، والآية دليل على وجوب الهجرة من موضع لا يصل فيه الإنسان إلى إقامة دينه، وهذا مما لا ينسخ، ويندب أن يهاجر، ولو أقام دينه، بعد نسخ وجوب الهجرة، وتجب الهجرة قيل من أرض الوباء { وسآءت } جهنم { مصيرا } فى الآية جمع بين التمييز وفاعل مستتر عائد إلى غير التمييز، ولا حاجة إلى جعل فاعل ساءت ضميرا عائدا إلى مبهم مفسر بالتمييز، وأنث مع تذكير التمييز، لوقوع التمييز على مؤنث، وتقدير المخصوص هكذا، وساءت مصيرا جهنم أى هو جهنم، وعنه صلى الله عليه وسلم:

" من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض استوجب الجنة، وكان رفيق أبيه إبراهيم، ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم ".

[4.98]

{ إلا المستضعفين } الموجودين ضعفاء، أو المعدودين ضعفاء، لعرج، أو مرض، أو عمى، أو ضعف بدن، أو نحو ذلك، أو المقهورين، والاستثناء منقطع، فإن المستضعفين الموتى، أو المستضعفين مطلقا لا يطيقون الهجرة، فلا يكفون بما لا طاقة به، فلم يدخلوا فى الذين توفاهم الملائكة الخ، ولا فى مأواهم جهنم، ولا سيما الصبيان، وهم المراد بالولدان، حتى لا يتوهم دخولهم، مع أنه لا مانع من توهم بادىء الرأى دخولهم، فذكرهم مع عدم توهم دخولهم مبالغة فى التحذير، أو مراعاة لإشرافهم على وجوب الهجرة بقرب البلوغ، ومراعاة لمن سيبلغ قبل نسخ الهجرة ومراعاة لهجرة قائميهم بهم كما خوطب قائموهم بزكاة أموالهم وبشؤنهم { من الرجال } كعياش بن أبى ربيعة، وسلمة بن هشام { والنسآء والولدان } الصبيان، وقد يطلق على الذكور والإناث، وهو المراد فى الآية تغليبا للذكور، ويجوز أن يراد بهم المماليك { لا يستطيعون حيلة } يتوصلون بها إلى الهجرة { ولا يهتدون سبيلا } لا يعرفون طريقا إلى المدينة، ولا يجدون دليلا، أو لا يهتدون إلى سبيل، أو لا يهتدى سبيلهم، بل يعوج لو خرجوا إليها.

[4.99]

{ فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم } تأكيد فى أمر الهجرة، حتى كأنها واجبة ولو على الأطفال والضعفاء الذين لا يطيقونها، وكأن تركهم إياها ذنب يعفى عنه، وهو أيضا دعاء إلى أن يهتم بها هؤلاء، ويطلبوا لها إمكانا، وأكدها بصيغة الإطماع أيضا، إذ لم يجزم، مع أن إطماع الله جزم، قال ابن عباس وأنا وأمى ممن عفا الله عنهم، لأنه من الولدان، وأمه أم الفضل بنت الحارث، واسمها لبابة أخت ميمونة، وأختها الأخرة لبابة، وهن تسع، قال صلى الله عليه وسلم فيهن:

Unknown page