256

Taysir Tafsir

تيسير التفسير

Genres

وأيديكم منه

[المائدة: 6]، فلا بد من أن يلتصق منه شىء، بدليل لصوق الماء بالعضو فى أصل التيمم، وهو الوضوء وبينت الآية الأخرى، والحديث أن المراد بقصد الطيب التمسح به، وأن المسح إلى أصل الكف، لأنها المراد عند إطلاق الكف، كقطع السارق أو المرفق كالوضوء والبسط فى الفروع { فامسحوا } مسحا يعلق معه شىء من التراب، كما أن الماء فى الوضوء والاغتسال يصل المغسول والممسوح والماء أصل التيمم، وكما قال فى سورة المائدة، منه، أى من التراب، وهذا مذهبنا وعليه الشافعى وأحمد والهاء فى منه للتراب، وهو رواية عن أبى حنيفة، وقيل يكفى المسح، ولو لم يعلق باليد شىء من التراب، بأن يتيمم فيما لا تراب فيه، ويمسحها مثلا، وقد قيل برجوع الهاء إلى الحدث المعلوم من المقام، على أن العلق باليد جرى على الغالب، أو على أن من مبتدأ { بوجوهكم } كلها، ومنها ظاهر اللحية، ورخص بعض فى بقاء قليل، كما أن المسح فى الماء فى الوضوء لا يلزم فيه الاستيعاب، ويدل للأول اشتراط الاستيعاب فى الوضوء، ووجوب المسح على موضع الخاتم فى اليد أو غسله وإيصال الماء بين الأصابع { وأيديكم } الأكف إلى الرسغين، ظاهرا وباطنا، وهو المذهب، وعليه مكحول الدمشقى، وهو المتبادر، وإذا اريد غيره قيد كما قال الله جل وعلا: إلى المرافق، فى الوضوء، وإلى المرفقين، فيما روى عن ابن عمر أنهم تيمموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما، قلنا ذلك استحباب كإطالة الغرة فى الوضوء، والشافعى على ما قال ابن عمر، وإلى الإبط، وهو ضعيف، وإن صح فيه حديث حمل على إطالة الغرة، وبالإبط قال الزهرى، واحتج الشافعى بالقياس على الوضوء، وبه قال أبو حنيفة والباء للإلصاق أو صلة { إن الله كان عفوا } عن المذنبين { غفورا } ساترا عليهم، ولذلك تسهل لكم بالتيمم.

[4.44]

{ ألم تر } ألم تبصر بعينيك، أو لم تعلم، فذلك تعجيب، والخطاب له صلى الله عليه وسلم، وخطاب سيد القوم خطاب لهم، أو ذلك خطاب لكل من يصلح له، ولتضمنه معنى الانتهاء، فعدى بإلى فى قوله { إلى الذين أوتوا } وهم أحبار اليهود، ومنهم حبران يأتيان رأس المنافقين، عبد الله بن أبى ورهطه يثبطانهم عن الإسلام، وهما رفاعة بن زيد، ومالك بن دخشم، وكانا إذا تكلم صلى الله عليه وسلم لويا لسانهما، وعاباه { نصيبا } قليلا { من الكتاب } من علم التوراة، أو جنس الكتاب، وقيل القرآن، ولو أنكره اليهود، لأنه حق فى قلوبهم { يشترون الضلالة } يأخذونها، إعراضا عن الهدى، وهو الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، وقد أمكن لهم، أو كأنه كان فى أيديهم لقوة أدلته، فاشتروا الضلالة به، أو كان فى أيديهم تحقيقا وتركوه لهما، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، أو اشتراء الضلالة أخذ الرشا وتحريف التوراة { ويريدون أن تضلوا } أيها المؤمنون كما ضلوا لم يكتفوا بضلال أنفسهم { السبيل } سبيل الحق؛ إى تفقدوه، ولهذا التضمين تعدى، أو عن السبيل فهو مفعول به غير صريح.

[4.45]

{ والله أعلم } منكم { بأعدآئكم } وهم هؤلاء اليهود، فلا تأمنوهم على شىء من دين أو دنيا واحذروهم { وكفى بالله وليا } يلى أمركم بالإرشاد إلى المصالح، والتحذير عن المضار { وكفى بالله نصيرا } لكم، والولى هو المتصرف فى شىء ولا يجب أن يكون ناصرا، فلا تكرير بذكر نصيرا.

[4.46]

{ من الذين هادوا } أى نصيرا لكم على الذين هادوا: فمن بمعنى على، أو تضمن نصيرا معنى مانعا، وذلك كقوله عز وجل:

ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا

[الأنبياء: 77]، وقوله عز وجل:

Unknown page