321

Taysir

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد

Investigator

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الاسلامي،بيروت

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م

Publisher Location

دمشق

وفي "صحيح مسلم" عن ابن مسعود مرفوعًا: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس" ١. وفي "صحيحه" أيضًا: "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله" ٢ وذلك إنما يقع بعد طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وسائر الآيات العظام. وقد ثبت أن الآيات العظام مثل السلك إذا انقطع تناثر الخرز بسرعة، رواه أحمد. ويؤيده حديث عمران بن حصين مرفوعًا: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على مَنْ ناوأهم حتى يقاتل آخرهم الدجال" ٣ رواه أبو داود والحاكم. وعلى هذا فالمراد بقوله في حديث عقبة وما أشبهه من الأحاديث "حتى تأتيهم الساعة". ساعتهم وهي وقت موتهم بهبوب الريح، ذكره الحافظ وهو المعتمد. وقد اختلف في محل هذه الطائفة، فقال ابن بطال: إنّها تكون ببيت المقدس إلى أن تقوم الساعة، كما روى الطبري من حديث أبي أمامة: "قيل يا رسول الله وأين هم؟ قال: (ببيت المقدس) " وقال معاذ بن جبل ﵁: (هم بالشام) . وهذا قول أكثر الشارحين. وفي كلام الطبري ما يدل على أنه لا يجب أن تكون في الشام أو في بيت المقدس دائمًا إلى أن يقاتلوا الدجال، بل قد تكون في موضع آخر، لكن لا تخلو الأرض منها حتى يأتي أمر الله. قلت: وهذا هو الحق فإنه ليس في الشام منذ أزمان أحد بهذه الصفات، بل ليس فيه إلا عباد القبور، وأهل الفسق وأنواع الفواحش والمنكرات، ويمتنع أن يكونوا هم الطائفة المنصورة، وأيضًا فهم منذ أزمان لا يقاتلون أحدًا من أهل الكفر، وإنما بأسهم وقتالهم بينهم. وعلى هذا فقوله في الحديث: (هم ببيت المقدس) . وقول معاذ: (هم بالشام) . المراد أنهم يكونون في بعض الأزمان دون بعض، وكذلك الواقع فدل على ما ذكرنا٤.

١ مسلم: الفتن وأشراط الساعة (٢٩٤٩)، وأحمد (١/٣٩٤) . ٢ مسلم: الإيمان (١٤٨)، والترمذي: الفتن (٢٢٠٧)، وأحمد (٣/١٠٧،٣/٢٠١،٣/٢٥٩) . ٣ أبو داود: الجهاد (٢٤٨٤)، وأحمد (٤/٤٣٤،٤/٤٣٧) . ٤ يوم أن كتب الشّيخ سليمان ذلك، كانت المعارك قائمة بين الدّولة العثمانية وبين الدّولة النّاشئة في الدِّرْعية، وهو لم يزر الشّام ولم يجتمع بأهلها، وإنّما شاهد الحرب، فكلامه غير دقيقٍ، والسّلفية انتشرت وعمَّت بلاد الشّام. وكذلك قوله: (في بعض الأزمان دون بعضٍ) تجاوز لمطلق الحديث. ويردّه أيضًا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: "والنَّبِيّ ﷺ ميّز أهل الشّام بالقيام بأمر الله دائمًا إلى أخر الدّهر، وبأنّ الطّائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدّهر. فهو إخبار عن أمرٍ دائمٍ مستمرٍّ فيهم مع الكثرة والقوّة، وهذا الوصف ليس لغير أهل الشّام من أرض الإسلام، فإنّ الحجاز التي هي أصل الإيمان نَقَصَ في آخر الزّمان منها: العلم، والإيمان، والنّصر، والجهاد [أي: في زمان ابن تيمية]، وكذلك اليمن والعراق والمشرق، وأمّا الشّام فلم يزل فيها العلم والإيمان ومَن يقاتل عليه منصورًا مؤيّدًا في كلّ وقت". اه. مجموع الفتاوى ٤/٤٤٩.

1 / 323