Taysir
تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد
Investigator
زهير الشاويش
Publisher
المكتب الاسلامي،بيروت
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م
Publisher Location
دمشق
Genres
Creeds and Sects
مَنْ خذلهم ولا مَنْ خالفهم" ١.
قال يزيد بن هارون، وأحمد بن حنبل: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم. وكذلك قال: إنهم أهل الحديث عبد الله ابن المبارك، وعلي بن المديني، وأحمد بن سنان والبخاري وغيرهم. وقال المديني في رواية: هم العرب، واستدل برواية من روى هم أهل الغرب، وفسر الغرب بالدلو العظيمة، لأن العرب هم الذين يستقون بها.
قلت: ولا تعارض بين القولين، إذ يمتنع أن تكون الطائفة المنصورة لا تعرف الحديث، ولا سنن رسول الله ﷺ بل لا يكون منصورًا على الحق إلا من عمل بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ وهم أهل الحديث من العرب وغيرهم.
فإن قيل: فلم خصصه بالعرب؟ قيل: المراد التمثيل لا الحصر، أي: أن العرب إن استقاموا على العمل بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ فهم الطائفة المنصورة حال استقامتهم.
قال القرطبي: وفيه دليل على أن الإجماع حجة، لأن الأمة إذا أجمعت فقد دخل فيهم الطائفة المنصورة.
وقال المصنف: وفيه الآية العظيمة أنهم مع قلتهم لا يضرهم مَنْ خذلهم ولا مَنْ خالفهم. والبشارة بأن الحق لا يزول بالكلية كما زال فيما مضى، بل لا تزال عليه طائفة.
قوله: (حتى يأتي أمر الله) . الظاهر أن المراد بأمر الله ما روي من قبض من بقي من المؤمنين بالريح الطيبة، ووقوع الآيات العظام، ثم لا يبقى إلا شرار الناس كما روى الحاكم. وأصله في "مسلم" عن عبد الرحمن بن شماسة أن عبد الله بن عمرو قال: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، هم شر من أهل الجاهلية. فقال عقبة بن عامر لعبد الله: أعلم ما تقول، وأما أنا فسمعت النبي ﷺ يقول: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة على ذلك. فقال عبد الله: ويبعث الله ريحًا ريحها المسك، ومسها مس الحرير، فلا تترك أحدًا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته، ثم يبقى شرار الناس فعليهم تقوم الساعة" ٢.
١ مسلم: الإمارة (١٩٢٠)، والترمذي: الفتن (٢٢٢٩)، وابن ماجه: المقدمة (١٠) والفتن (٣٩٥٢)، وأحمد (٥/٢٧٩) . ٢ مسلم: الفتن وأشراط الساعة (٢٩٤٩)، وأحمد (١/٣٩٤) .
1 / 322