189

أجل؛ فقد حباني الله جمالا، ورشاقة، وحنجرة غريدة جعلت معلمة الموسيقى تلازمني بصفة شبه دائمة تستعيدني الأدوار الغنائية الراقصة منها والاستعراضية التي أشاهدها في التلفاز، حتى غدوت أفضل من تقوم بها في الحفلات المدرسية.

ولا أزال أحتفظ في ذاكرتي بأحداث يوم كرمت فيه، لتفوقي في الغناء والرقص والتمثيل على مستوى المدارس الابتدائية في بلدي.

احتضنتني (الأم ليليان) مديرة مدرستي ذات الهوية الأجنبية، وغمرتني بقبلاتها قائلة لزميلة لها: لقد نجحنا في مهمتنا!

إنها_وأشارت إلي_من نتاجنا، وسنعرف كيف نحافظ عليها؛ لتكمل رسالتنا!

لقد صور لي خيالي الساذج آنذاك أني سأبقى دائما مع تلك المعلمة، وهذه المديرة، وأسعدني أن أجد بعضا من حنان افتقدته، وإن كنت قد لاحظت أن عطفهما من نوع غريب، تكشفت لي أبعاده ومراميه بعدئذ، وأفقت على حقيقة هذا الاهتمام المستورد+.

وبعد ذلك تدرجت في عالم الفن حتى أصبحت ممن يشار إليهم بالبنان.

تقول عن نفسها في تلك المرحلة: =كانت تمتلكني نشوة مسكرة وأنا أرفل في الأزياء الفاخرة، والمجوهرات النفيسة، والسيارات الفارهة، كانت تطربني المقابلات والتعليقات الصحفية، ورؤية صوري الملونة وهي تحتل أغلفة المجلات، وواجهات المحلات، حتى وصل الأمر بي إلى أن تعاقد معي متعهدو الإعلانات والدعايات؛ لاستخدام اسمي_اسمي فقط_لترويج مستحضراتهم وبضائعهم.

كانت حياتي بعمومها موضع الإعجاب والتقليد في أوساط المراهقات، وغير المراهقات على السواء.

وبالمقابل كان تألقي هذا موطن الحسد والغيرة التي شب أوارها في نفوس زميلات المهنة+(498).

إلى أن تقول: =قد تتساءل صغيرتي: وهل كنت سعيدة حقا يا أمي؟ !

ابنتي الحبيبة لا تدري بأني قطعة من الشقاء والألم؛ فقد عرفت وعشت كل ما يحمل قاموس البؤس والمعاناة من معان وأحداث+.

Page 189