168

التاسع_أنه في دارها، وتحت سلطانها وقهرها؛ بحيث يخشى_إن لم يطاوعها_أن تؤذيه؛ فاجتمع له داعي الرغبة والرهبة.

العاشر_أنه في مأمن من الفضيحة؛ فلا يخشى أن تنم عليه هي ولا أحد من جهتها؛ فإنها هي الطالبة الراغبة، وقد غلقت الأبواب، وغيبت الرقباء.

الحادي عشر_أنها قد أخذت كامل زينتها، وتهيأت غاية ما يمكن، وقالت: (هيت لك) وفي قراءة =هئت لك+.

الثاني عشر_أنها استعانت عليه بأئمة المكر والاحتيال، وهن النسوة التي أرته إياهن؛ حيث شكت حالها إليهن، لتستعين بهن عليه، فاستعان هو بالله عليهن فقال: [وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين] يوسف:33.

الثالث عشر_أنها توعدته بالسجن والصغار، وهذا نوع إكراه؛ إذ هو تهديد من يغلب على الظن وقوع ما هدد به؛ فيجتمع داعي الشهوة وداعي السلامة من ضيق السجن والصغار.

الرابع عشر_أن الزوج لم يظهر من الغيرة والنخوة ما يفرق به بينهما، ويبعد كلا منهما عن صاحبه.

بل غاية ما قابلها به أن قال ليوسف: [يوسف أعرض عن هذا] يوسف: 29، وللمرأة: [واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين] يوسف: 29.

وشدة الغيرة للرجل من أقوى الموانع، وهذا لم يظهر منه غيرة.

ومع هذه الدواعي كلها صبر يوسف اختيارا وإيثارا لما عند الله، فآثر مرضاة الله، وخوفه، وحمله حبه لله أن اختار السجن على الزنا [قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه] يوسف: 33.

وعلم أنه لا يطيق صرف ذلك عن نفسه، وأن ربه_تعالى_إن لم يعصمه ويصرف عنه كيدهن_صبا إليهن بطبعه، وكان من الجاهلين.

وهذا من كمال معرفته بربه، وبنفسه.

فماذا كانت العاقبة؟

لقد نال العز والسلطان، ونال الذكر الحسن، والثناء الجميل.

هذا في الدنيا، وإن له في الآخرة للجنة.

المثال الثاني: امرأة فرعون:

Page 168