Tawba
التوبة وظيفة العمر
Genres
وقبل أولئك ماذا كان من أمر زعيم النازية أدولف هتلر؟ ذلك المستبد العاتي المتجبر، الذي كان يهذي ويحلم بإنشاء امبراطورية تضم جميع أنحاء العالم، والذي تسبب في مقتل 35 مليونا في سبيل الوصول إلى غايته المنشودة، والذي كان يزهو بنفسه ويتلاعب بعواطف الجماهير، ويحركها كيف يشاء، والذي كاد أن يسيطر على العالم في أوائل العقد الخامس من القرن العشرين الميلادي؛ فماذا كانت حياته؟ وكيف كانت نهايته؟
أما حياته فقد كانت مزيجا من الشقاء، والمرض، والحرمان العاطفي، والألم العقلي.
وتفاصيل حياته غريبة ومثيرة، وليس هذا مجال بسطها(422).
أما نهايته فكانت في 30 نيسان أبريل عام 1945م، عندما أطلق الرصاص على نفسه؛ خوفا من سقوطه على أيدى الحلفاء، وتوفي وعمره 56 سنة، وقبل أن يقدم على الانتحار وفي أيامه الأخيرة مرت به لحظات حرجة مريرة.
يقول (ألبرت سبير) وزير التسليح في حكومة هتلر النازية عن تلك الأيام: =في الأسابيع الأخيرة من حياته بدا هتلر منهارا، وقد سحقته قسوة الأحداث التي قهرته تدريجيا خلال السنوات السابقة، كذلك أصبح أكثر تقبلا وتحملا للمعارضة+(423).
ويقول: =كان هتلر في هذه اللحظات يعطي الانطباع بأنه رجل تحطمت كافة أهدافه وآماله، رجل أصبح يدور في مداره الراسخ بسبب الطاقة المخزونة في داخله فقط.
بل إنه كان في الواقع قد تخلى عن كل سلطاته، واستسلم لما قد يأتي به القدر.
وكان في ذلك الوقت يذوي ويذبل مثل رجل عجوز، كانت شفتاه ترتجفان، وكان يسير منحنيا ، ويجر ساقيه جرا، حتى صوته أصبح متهدجا، وفقد براعته، واستبداديته القديمة، وقد اختفت قوة صوته، ليحل محلها صوت متلعثم بلا أية نبرة مميزة، وكانت لا تزال تنتابه نوبات من العناد، لكنها نوبات عناد مؤقتة وعابرة.
Page 152