151

إلى أن قال: =إن حياتي الخاصة والعائلية غير منظمة؛ فأعباء الدولة تحول بيني وبين أن أكون لهذه الكائنات الإنسانية العزيزة الغالية بالقدر الذي أرغب وأتوق إليه، وطالما اضطررت أن أخيب آمالهم في الوقت الذي ينتظرونني فيه؛ لتناول طعام الغداء معي، فأحتبس نفسي مع زائر أجنبي، أو سياسي أردني، ثم في حوالي الساعة الرابعة أو الخامسة بعد الظهر أطلب إحضار بعض الشطائر لآكلها وأنا منهمك في عملي.

أما في المساء فإنني أغادر مائدة العمل في الساعة الثامنة أو التاسعة، ويكون أولادي عندها قد استسلموا إلى الرقاد، وتبقى في انتظاري زوجتي وأولادي ليمنحوني الحرارة التي افتقدتها، والتي أشعر بأنني في مسيس الحاجة إليها+(420).

ثم إن المنصب قد يكون سببا في هلاك صاحبه، أو تشرده، وشماتة الأعداء به؛ فها هو شاه إيران الذي كان يتبختر كالطاووس كبرا وتيها، والذي كان يتقلب في الترف والنعيم، والذي أقام حفلا ليعيد فيه ذكرى مرور ألفين وخمسمائة سنة على قيام الدولة الفارسية، وأراد من ذلك مسخ الإسلام، وبسط سلطانه على الخليج، ومن ثم العالم العربي؛ ليلتقي مع اليهود، كيف كانت نهايته؟

لقد أزيح عن سلطانه، وجرد من كافة امتيازاته، وبعد ذلك تشرد، وطرد، ولم يجد بلدا يؤيه، وظل على هذه الحال حتى مات شريدا طريدا بعيدا عن وطنه بعد أن أضناه الهم، وفتك به السرطان.

أما أولاده، وأهله، وحاشيته فقد أصبحوا شذر مذر، متفرقين في عدة قارات!!.

وهذا رئيس الفلبين السابق فيرديناند ماركوس الذي بلغ الغاية في الترف، والنعيم، والتجبر؛ ماذا كانت نهايته؟ .

لقد أذاقه الله ألوانا من العذاب، والتعاسة، والشقاء؛ حيث انقلبت حاله رأسا على عقب؛ حيث سلب منه منصبه، وتنكر له أسياده، وأصحابه، فصار شريدا طريدا لا يملك الرجوع إلي بلده الذي كان يتربع على عرشه، حتى إذا جاءته الوفاة لم يستطع الحصول على أشبار قليلة في بلده؛ ليوارى فيها بعد موته(421).

Page 151