Tasliyat al-majālis wa-zīnat al-majālis – al-juzʾ 1
تسلية المجالس و زينة المجالس - الجزء1
Genres
نفوسهم من رحيق خطابه في عالم الذر، وسكنت هيبة عزة جلاله شغاف قلوبهم حين أقر من أقر، وأنكر من أنكر، لم تزل العناية الأزلية تنقلهم من الأصلاب الفاخرة إلى الأرحام الطاهرة، والألطاف الإلهية تمنحهم شرف الدنيا والآخرة.
جعلهم سبحانه السفراء بينه وبين عباده، والامناء على وحيه في سائر أنامه وبلاده، بشرت الأنبياء الماضية بظهورهم، وأشرقت السماوات العالية بساطع نورهم، كتب أسماءهم على سرادقات عرشه المجيد، وأوجب فرض ولايتهم على عباده من قريب وبعيد، كلفهم بحمل أعباء رسالته، وجعلهم أهلا لأداء أمانته، يتلقون بوجه باطنهم أنوار سبحات جمال عزته، ويقابلون بظاهر ضياء محاسن بهجاتهم عباده فيهتدون بنورهم إلى نعيم جنته، (عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون) (1).
أصلهم نبي تممت به النبوة، وكملت به الفتوة، وانتهت إليه الرئاسة العامة، وخص من الله بالكلمة التامة، وأيده سبحانه بنصره في المواطن المشهورة، وأظهره بقهره على أعدائه في حروبه المذكورة، وشد أزره بوصيه المرتضى، وشيد ملته بصفيه المجتبى، صارم نقمته، وحامي حوزته، الذي لم يخلق الله خلقا أكمل منه من بعده ولا قبله، ولم يدرك مدرك شأوه (2) ولا فضله، ولا أخلص مخلص لله إخلاصه، ولا جاهد مجاهد في الله جهاده من العامة والخاصة.
إن دارت حرب فهو قطب رحاها، أو توجهت آمال فهو غاية رجاها، أو ذكر علم فهو مطلع شمسه، أو اشتهر فضل فهو قالب نفسه، باب علم مدينة
Page 185