فلا يتصور علم أبين من علم، إذ العلم بينَ المعلوم على ما هو به ولا يجامعه استرابة أصلًا، وكيف يجامعه وهما متضادان، ثمَّ قالَ بعد ذلك، وإن العلم الضروري بمثابة العلم النظري في حكم التبيين، والذي يوضح الحق في ذلك الاتفاق على أن العلم الواقع بالشيء نظرًا، يماثل العلم الواقع به ضرورة، كما تماثل الحركة الضرورية، الحركة الكسبية، والحركتان متماثلتان، ومن حكم المتماثلين وجود استوائهما في صفات النفس، ولو كانَ الضروري مخالفًا للكسبي في وجه من البيان، لما كانَ مثله ثمَّ أشار إلى الفرق بينهما، وجعل من وجوه الفرق أن العلوم المكتسبة مقدورة بخلاف البديهية، وقالَ ابن التلمساني: المحققون على عدم تفاوت العلوم، وإنما التفاوت بحسب التعلقات واختاره إمام الحرمين والإبياري في شرح البرهان، ولكن الأكثرين على التفاوت، ونقله الإمام في البرهان عن أئمتنا، ومن فوائد الخلاف في هذه المسألة أن الإيمان هل يقبل الزيادة والنقص بناء على أن الإيمان من قبيل العلوم لا الأعمال خلافًا للمعتزلة.