وصمت زين قليلا، ثم قال وقد أدرك أنه أصبح يملك الموقف: فإذا جاءت سيدة أخرى، فإنني لا أستطيع أن أحميك منها أو أحمي سامي.
وأطرقت وقد أوشكت على الهزيمة. - إنك العمدة ... ولست مثل أي عمدة، إنك تحكم بلدك بيد من حديد، أتعجز عن أن تحكم امرأة في بيتك.
وفهم زين كل ما ترمي إليه، ولكنه قال: إنني عمدة في خارج بيتي، ولكنني في البيت زوج، ولا يستطيع زوج مهما يكن عمدة أن يفرض مرضعة على زوجته في بيته. - ولماذا لا تحسن الاختيار؟ - قد تكون قبل الزواج هادئة حليمة، ثم تنقلب بعد الزواج جبارة طاغية، وأنت تعرفين المرأة إذا وجدت ابن غيرها هو موضع الرعاية في بيتها، حينئذ ستعمل أول ما تعمل أن تخرجك أنت من البيت؛ لأنك تؤثرين الطفل عليها، ثم هي بعد ذلك تنفرد ...
وقاطعته رتيبة: نعم ... نعم أعرف. - إذن؟
وأطرقت، لقد تركت بيتها وبلدتها من أجل ابنها هذا، وهي لا تحب هذا الرجل، وهي تكره خلقه كل الكراهية. فالظلم هو الذي قتل زوجها، وشتت شملها، وأخرجها من بين أهلها وذويها ليرمي بها إلى قوم غير قومها، وناس غير ناسها.
إنها كامرأة تدرك أن حياتها لم تصبح شيئا إلا أن تكون أما لهذا الطفل. وقد ضحت من أجله بكل حياتها الماضية، فهل ترى كتب عليها أن تضحي أيضا بحياتها الآتية؟ وأي مصير يمكن أن تنتظرها به الأيام؟ فإذا ولدت لهذا الرجل وليدا آخر، وصاحت دون أن تدري: لا.
وصاح زين: هذا جوابك؟
ورجعت إلى نفسها وأطرقت: ألا تترك لي فرصة للتفكير؟ - أنا لم أتعود أن أفعل ذلك، ولكن من أجل خاطرك سأقبل.
وفكرت، ولم تجد لنفسها مهربا، إنها الآن إذا رفضت فسيطردها هو من بيته دون أن ينتظر زوجته المقبلة لتطردها. فإذا كان يرى في مطلبه أن ينظرها انتقاصا له، فهيهات أن يرضى من أجيرته أن ترفضه زوجا، وهو بعد لن يكون حريصا على مستقبل طفل ليس ولده أكثر من حرصه على كبريائه.
إنما طلبت منه فرصة للتفكير، حتى لا تتداعى أمامه في نفس الجلسة التي طلب إليها فيها الزواج.
Unknown page