============================================================
وسيرته كان جوادا عادلا حسن السيرة جميل السياسة ومما روي عن عدله.
أن زوجة إخشيد لما زالت دولتهم أودعت عند رجل يهودي ثوبا متسوجأ (234) بالذهب وبدايره من الجوهر شيء كثير وجعله في جرة نحاس ثم بعد مدة طالبت اليهودي فأنكره فقالت خذ بعضه فلم يفعل فقالت أعطني الكم الواحد وخذ أنت الجميع قال وكان فيه تسعة وعشرون من الدر الغالي فلم يفعل أيضأ هذا فأتت إلى قصر الملك فدخلت عليه وأستأذتته في الكلام فأذن لها وعرفته بحال اليهودي فأحضره واستقره فلم يقر فبعث إلى داره من خرب الحيطان وظهرت الجرة في جدار الدار فلما رأى المعز الثوب تعجب من الجوهر واللؤلؤ الذي فيه ووجدوا أن اليهودي قد أخذ من صدره درتين فاعترف أنه أباعهما بألف وستماية دينار فسلم الثوب إلى الامراة على حاله فاجتهدت أن يأخذه ويعطيها منه ما أراد فلم يفعل فقالت له يا سيدي هذا الثوب كان يصلح لي وأنا زوجة صاحب مصر فأما الان فما حاجة لي إليه فأبى أن يأخذه فأخذته الامرأة فانصرفت.
وكان المعز مفتوتا بعلم التجوم فأخبره منجم أن عليه قطعا وأشار عليه أن يتخذ سردابا تحت الأرض وينوارى فيه مدة ففعل ذلك وتوارى في سرداب فلما طالت غيبته ظن المغاربة أنه قد رفع فكانوا إذا أبصروا الغمام ترجل الفارس منهم إلى الأرض ويقول السلام عليك يا أمير المؤمنين ظنأ أن المعز في الغمام فلما انقضت مدة القطع التي أشار بها المنجم وهي على ما يقال سنة كاملة خرج المعز من السرداب وتوفي بعد ذلك بمدة يسيرة.
وبعد وفاته بويع العزيز بالله أبو المنصور برار بن المعز الفاطمي يوم توفي والده وكان مولده بالمهدية يوم الخميس الرابع والعشرون من المحرم (235) سنة اثتتين وأربعين ونكثماية وقيل في المحرم سنة أريع وأربعين وتلشماية وولي الأمر وله إحدى وعشرون سنة وأشهر وأقام بأمره جوهر مولى المعز.
وفي هذه السنة أقيمت الدعوة للعزيز بمصر بعد أن حوصر أهلها وجرت حروب كثيرة.
وفي هذه السنة قسم الأمير ركن الدولة أبو علي الحسن بن بويه بين أولاده الثلاثة الممالك فجعل لعضد الدولة أبي شجاع فناخرو فارس وارجان وكرمان ولمؤيد الدولة أبي المنصور الري واصفهان ولفخر الدولة أبي الحسن همدان والدينور وأخذ عليهم الحلف بالتتاصر والتعاضد وأشهد عليهم بذلك.
وفي سنة ست وسنين ونظتماية كانت وفاة ركن الدولة بن بويه وكانت مدة ملكه أربع وأربعين سنة وشهر وتسعة آيام وعمره تسع وتسعين سنة وهو الأوسط من أولاد بويه وكان ملكا جليلأ مهيا سايسا فتح البلاد وملكها وقرر قواعدها وضبطها وفي هذه السنة كاشف عضد الدولة بن عمه عز الدولة صاحب بغداد بالعداوة وتجهز لقصد العراق وتمليكها واتحدر عز الدولة ووزيره علي ابن أبي طاهر والطائع لله الخليفة إلى واسط ووصل عضد الدولة فالتقوا ونقانلوا فتالا
Page 159