243

وكان قتادة في أول امره حسن السيرة طيب الذكر وقد استطاع أن ينشر الأمان ويقيم العدل والرخاء ويكرم وفادة الحجاج ، ثم ما لبث أن أساء السيرة وجدد المكوس ونهب الحجاج في بعض السنين ، ويذكر السنجاري (1) في تاريخه ان ولايته اتسعت من حدود اليمن الى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكثر عسكره حتى خافه العرب في تلك البلاد خوفا عظيما.

ولا أدري كيف اتسع أمره الى المدينة بعد الذي رأينا من دفاع صاحبها الا انني لا استبعد ان يكون قد استأنف هجومه عليها بعد الذي ذكرت واستولى عليها. وخطب وده العباسيون في بغداد والايوبيون في مصر وأرسلوا اليه بالخلع والاموال.

وخطب قتادة في اول امره للعباسيين ولما قطعت علاقتهم به على اثر الحوادث التي ذكرناها عاد يخطب للايوبيين وحدهم ، واعتقد انه لو مد في اجله لاعلن خلافته ودعا الى نفسه ، وحسبنا ان ابن خلدون يشير الى ذلك فيذكر انه كان يرى لنفسه أحقيته للخلافة.

وظل قتادة على امره حتى اختلف مع ابنه حسن فقتله ، وذلك انه سير جيشا الى المدينة على رأسه اخوه وابنه حسن ، فلما كان الجيش في بعض الطريق بوادي الفرع (2) اجتمع اخو قتادة برؤساء الجيش واخبرهم بان قتادة مريض وطلب اليهم ان يعاهدوه على الامارة فلما بلغ ذلك حسن بن قتادة دخل على عمه فقتله فلما اتصلت الاخبار بقتادة عزم على قتل ابنه حسن قودا في اخيه فعلم حسن

Page 265