العلم من تلاميذ الجيل الذي أسلفنا يضاف اليهم أصحاب مالك وأصحاب الشافعي ثم اصحاب ابن حنبل ولمع بينهم أو الوليد محمد ابن عبد الله الأزرقي أولى مؤلف في تاريخ مكة وأخبارها ثم ما لبث ان توزع أعلام مكة في الأمصار فضعف النشاط العلمي فما وافى القرن الرابع الهجري حتى كانت علامات الضعف قد زادت وضوحا في البلاد.
وكان العالم الاسلامي قد زخر في هذا العهد باختلافات الدينية فاشتدت دعوة الخوارج وشاعت أقوال المعتزلة والمرجئة وذاعت مذاهب الشيعة على اختلاف أنواعها وكثر الجدل والنقاش في أمهات المدن بين هذه الفرق ومناوئيها الا الحجاز فقد ظل بعيدا عن هذه الخلافات لا يميل أهله لغير أصحاب السنة اذا استثنينا بعض حركات فردية لم تترك طابعها في المجموع. أما المذهب الشيعي فقد وجد على خلاف غيره من المذاهب من يناصره في مكة والمدينة وبعض مدن الحجاز في أوقات مختلفة من شيعة العلويين وأنصارهم.
** الاصلاحات في المسجد :
وعنى خلفاء العهد العباسي الثاني وأمراؤهم من الأتراك بالمسجد الحرام فأمر المتوكل بزيادة ضبط الحجر «مقام ابراهيم» وأضاف اليه ثمانية آلاف مثقال من الذهب و70 ألف درهم من الفضة لشد ما تصدع فيه ، ولما استعان عامل العباسيين في مكة جعفر بن الفضل بقيمة ذلك الذهب بعد قلعه وضربه دنانير لصرفها في ثورة اسماعيل بن يوسف العلوي سنة 251 التي قدمنا عنها عاد علي بن الحسين العباسي عامل مكة لتجديده فجعل له طوقين من ذهب فيهما 1992 مثقالا وطوقا من فضة وأذاب العقاقير بالزئبق فشد بذلك بين أوصاله وكانت قد تفرقت الى سبع قطع (1).
Page 212