أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن يعرف شيئا يصور به الألفاظ التي كان يتفاهم بها، وقد كان يتوقف التفاهم بين الإنسان والإنسان على المواجهة والمشافهة أو توسيط من يقوم بذلك، فإذا أراد إنسان أن يتفاهم مع آخر في بلدة أخرى فإما أن يقصده بنفسه ليواجهه ويشافهه، وإما أن يرسل من يقوم بهذه المهمة نيابة عنه ... وقد اصطلح المؤرخون على تسمية ذلك الطور بطور ما قبل التأريخ. (1-3) الخط الصوري
ثم اهتدى الإنسان إلى طريقة يستغني بها عن المواجهة والمشافهة أحيانا، وتتلخص بتصوير الشيء أو الحادثة تصويرا ساذجا، فإذا أراد مثلا أن يخبر صديقه بأن قافلة وصلت المدينة يصور له المدينة تصويرا بسيطا وكذلك بعض الحيوانات والبشر الذين تتألف منهم القافلة، فإذا أراد أن يبين أن القافلة وصلت نهارا يصور الشمس مطلة على القافلة، أو ليلا يصور القمر مثلا أو بعض الكواكب. وقد أطلق بعض المؤرخين على هذه الطريقة اسم الخط الصوري. (1-4) أمهات الخطوط
غبر الإنسان على هذه الطريقة حينا من الدهر، ثم أخذت تتطور من حال إلى حال حتى كثرت المصطلحات وتشعبت المسالك، وأخذ كل جماعة من البشر يتواطئون فيما بينهم على علامات ونقوش يرمزون بها إلى مرادهم، ويمكن رد تلك المسالك إلى أربعة أصول: (1)
المسماري. (2)
الحيثي. (3)
الصيني. (4)
المصري.
أما الأصل المسماري فقد جرى عليه البابليون والآشوريون ومن لف لفهم، وقد انقضى عهده منذ أمد بعيد بانقضاء عهد تلك الأمم.
وأما الأصل الحيثي فقد جرى عليه سكان الشام القدماء، وقد رأى بعض علماء المشرقيات أن الخط الحبشي والحميري وليد هذا الأصل، والجمهور على خلاف ذلك على ما سترى.
وأما الأصل الصيني فقد تفرع عنه الياباني والمغولي وما إليهما، ولا تزال آثاره ماثلة في الصين واليابان وما إليهما.
Unknown page