أي مثلما وسع البخار جوف الأبزن، وهو معرب «آب زن» حذفت ألفه دفعا لالتقاء الساكنين.
ومثال النقص غير اللازم: «سرداب» للبناء المعروف، فإنه معرب «سرد آب» بمعنى «الماء البارد» وسمي به البناء المعروف لأنه كان يعد لتبريد الماء، وقد حذفت ألفه عند التعريب من غير لزوم.
والنقص قد يكون في أول الكلمة مثل: «بهرج» بمعنى الباطل والزغل، وهو معرب «نبهره» حذفت منه النون. وقد يكون في الوسط كما تقدم في سرداب، وقد يكون في الآخر مثل كلمة «النشا» فإنها معربة من كلمة «نشاحنة». والنقص قد يكون بحرف واحد، وقد يكون بأكثر كما رأيته في الأمثلة الآنفة. والإبدال على قسمين: الأول إبدال حرف بآخر، والثاني إبدال حركة أو سكون بغيرهما.
وإبدال الحرف بغيره قد يكون لازما وقد يكون غير لازم، فمثال الإبدال اللازم «بد» بمعنى الصنم فإنه معرب «بت»، أبدلت الباء الفارسية المثلثة بالباء العربية إبدالا لازما لئلا يدخل في كلامهم ما ليس منه، وأبدلت التاء بالدال إبدالا غير لازم لقرب ما بين مخرجهما.
وبالجملة فإنهم يبدلون الحروف التي ليست من حروفهم إلى أقربها مخرجا في الغالب، وربما أبعدوا في الإبدال لأسباب قد تكون ظاهرة وقد تكون غامضة.
ومثال الإبدال غير اللازم: «برنامج»، فإنه معرب «برنامه» أبدلت فيه الهاء جيما.
ومثال إبدال حركة بحركة أخرى: «سكر» معرب شكر كما مر، أبدلت فتحته بالضمة. ومثال إبدال حركة بأخرى، وسكون بحركة، وحركة بسكون كلمة سيبويه فإن العجم تنطقه سيبويه، فأبدلت العرب ضمة الباء بفتحة وسكون الواو بحركة وهي الفتحة أيضا وأبدلوا فتحة الياء الثانية بالسكون.
وربما دخل في الكلمة الواحدة أنواع شتى من التغيير مثل كلمة «نزهة» فإنها معربة من كلمة «دوره ره» بمعنى الطريق البعيد، فأبدلت الدال بالتاء وحذفت الواو وجوبا لالتقاء الساكنين وأدغمت الواو في الراء وحركت الهاء الساكنة بالفتحة وزيدت بعدها تاء للدلالة على الوحدة، فأنت ترى أنه قد دخلها النقص والزيادة والإبدال بأنواعه، ويقارب هذه كلمة «زئبق» تعريب «زيوه» فإن الإبدال لحق جميع حروفها. والتغيير هو الغالب في التعريب، وأغلب ما يقع في الكلمات التي تبعد أوزانها عن الأوزان العربية، أو تشتمل على حروف لا وجود لها بين الحروف العربية مثل «پ، چ، ژ، گ، ڨ»، فإن الضرورة تقضي بإبدال الحرف الأول بالفاء أو الباء لأن العجم تلفظه بين هذين الحرفين، ولذلك قال العرب «فرند» و«برند» في تعريب كلمة «پرند» الفارسية، وفرند السيف وبرنده جوهره ووشيه. وكذلك تقضي الضرورة بإبدال الحرف «چ» بحرف يقاربه من الحروف العربية وقد اعتادوا أن يبدلوه بالصاد، ويقولون «صك» في تعريب «چك» وصين في تعريب «چين» و«صفانه» في تعريب «چفانه» وهي من آلات اللهو. وربما أبدلوه بالشين فقالوا «شاكري» في تعريب «چاكري» وهو الأجير المستخدم. وربما أبدلوه بالجيم فقالوا «جوالق» في تعريب «چواله» وهو العدل لأن العجم تلفظه بين الشين والجيم. والضرورة تقضي أيضا بإبدال الحرف «ژ» بحرف من الحروف العربية يقاربه في المخرج، ولما كان العجم يلفظونه بين الزاي والجيم أبدلته العرب بالزاي فقالت «زئبق» في تعريب «ژيوه» و«زون» في تعريب «ژون» وهو الصنم.
وكذلك أبدلوا الحرف «گ» بالجيم لأنه يلفظ بين الجيم والكاف، فقالوا «جزاف» في «گزاف» و«جلنار» في «گلنار» وهو زهر الرمان، و«جناح» في «گناه» وهو الذنب، و«جوز» في «گوز» للثمر المعروف.
وأبدلوا الحرف الخامس من الحروف الخمسة المذكورة بالفاء أو الواو لأنه ينطق بينهما. (7) تدوين علم اللغة
Unknown page