وفي الصباح رأى ا لإمام القاسم رجلين من رجال الصيد، فاعتقد أنهما يرددانه فإذا هما قد شاهدا صاحبه بالأمس، وهما يريدان صيده فاتفق معهما على نصرته من السوق بالبنادق، ثم يصيحان نصر الله الإمام، ونفذا الخطة في موعد السوق، وقبل التنفيذ أمرهما الإمام القاسم (ع) أن ينتظراه. قال (ع): فتيممت وصليت ركعتين، وبكيت، وقلت: هذا جهدي ودعوت الله سبحانه بما أمكن ثم أمرتهما بالتنصير للإمام حتى يسمع أهل السوق ولايسمياه، ففعلا ثم رمينا بتلك البنادق فصاح القبائل الذين في السوق عنا وأجابونا ثم خرج إليه أكثر أهل السوق وبعض سلاح العسكر في أيديهم وبايعوه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعاد معهم إلى بلاد الشرف>>(1).
ولإيمانه الشديد بمسئوليته الملقاة على عاتقه، ولشدة إخلاصه، وقوة تمسكه، وثقته بالله سبحانه وتعالى، ظل طوال حياته في جهاد مستمر مع الدولة العثمامنية. وقد ظن العثمانيون أنه هدفه الزعامة، والتوصل إلى الحكم، فعرض عليه الوالي (سنان باشا) حكم بعض البلاد هو وأولاده مع كفايته، ويكف عن دعوته، فرفض (ع) رفضا قاطعا ورد بكتاب طويل جاء فيه: «أما ماذكرتم أبقاكم الله من أن أترك الفتنة وأميل للراحة فهيهات أترك قول الله تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لايبخسون}».
وكان أولاد الإمام مأسورين لدى الدولة العثمانية، فهدده الوالي العثماني بتعذيبهم وقتلهم إذا لم يقبل.
Page 215