178

عمت اليمن بعد رحيله (ع) الفتن، وانقطع عنهم المطر، وساءت حالتهم، ولما اشتد بهم ذلك، عرفوا أ،ه لن يجمع شملهم، ولن يميت الباطل ويعيد الحق إلا الإمام الهادي (ع) فذهب وفد منهم إليه، وأعطوه بيعتهم، وأعلنوا توبتهم وندمهم على مافعلوا فلبى دعوتهم، امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وتوجه (ع) إلى اليمن يودعه أكابر أهل بيته (ع)، فيهم عالم آل محمد محمد بن القاسم (ع) وكان مما قاله: «يا أبا الحسين لو حملتني ركبتاي لجاهدت معك يابني، أشركنا الله في كل ما أنت فيه، وفي كل مشهد تشهده، وفي كل موقف تقفه» (1).

ووصل صعدة في صفر سنة (284 ه) وعند وصوله حسم الفتنة بين القبائل، وبايعوه جميعا ودخلوا صعدة أخوة متحابين، وبايعته القبائل اليمنية، وجاءته وفود نجران، وخطب له في مكة، وجعل من صعدة مركزا وعاصمة لنشر دعوته وجهاده. وكان مما قاله (ع) في نص بيعته: «أيها الناس إني أشترط لكم على نفسي الحكم بكتاب الله وسنة نبيه، والأثرة لكم على نفسي فيما جعله الله بيني وبينكم أؤثركم ولا أتفضل عليكم، وأقدمكم عند العطاء قبلي، وأتقدم أمامكم عند لقاء عدوي وعدوكم بنفسي، وأشترط لنفسي عليكم اثنتين: النصيحة لله سبحانه ولي في السر والعلن، والطاعة لأمري في كل حالاتكم ما أطعت الله فيكم، فإن خالفت طاعة الله عز وجل فلا طاعة لي عليكم، وإن ملت وعدلت عن كتاب الله فلاحجة لي عليكم».

ثم نشر الإمام الهادي (ع) دعوته من صعدة ووفدت عليه القبائل من كل جهة، وأرسل عماله إلى تلك المناطق لإقامة تعاليم الإسلام في كل منطقة، ودخل صنعاء واستقبله واليها من قبل الدولة العباسية آنذاك واسمه أبو العتاهية «عبدالله بن بشر».

Page 178