ثم حل باليمن مأساة أخرى أيام عبدالملك بن مروان إذ كان أخو الحجاج «محمد بن يوسف الثقفي» واليا على اليمن وكان مشهورا بالظلم والقسوة، فقتل الكثير من أهل صنعاء، ولما مات كان يوضع التراب على قبره مساء فيصبح رمادا، وكان يلهب قبره بالنار ليلة الإثنين والجمعة (1).
ثم تنازع اليمن الولاة في العصر العباسي، ومنهم محمد بن زياد (2) استخلفه المأمون لما رأى تكاثر محبي أهل البيت في اليمن. وتفرق اليمن إلى قبائل متناحرة متنافرة فيما بينها، ولما سمع المشائخ وأهل الفضل بالإمام الهادي (ع) وماهو عليه من العلم تجلت لهم صورة الحق والعدالة فشدوا الرحال إلى المدينة يطلبون منه الخروج لإنقاذ البلاد.
الإمام الهادي (ع)
هو الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين علي عليهم السلام.
نشأته (ع):
ولد عليه السلام بالمدينة المنورة سنة (245 ه)، وحمل إلى جده القاسم (ع)، فبكى وقال: «هو والله يحيى صاحب اليمن» (3). وبين أقمار الهدى، وبدور الدجى، أمثال وارث علم آل محمد وعابدهم عمه، محمد بن القاسم (ع)، وأبيه الحافظ الزاهد الحسين بن القاسم، وبقية آبائه وأعمامه، نشأ وترعرع، وفي وسط تلك البادية التي أكسبته الفصاحة، والشجاعة، أقبل على طلب العلم والعبادة.
وفي ذلك البيت الذي تمثلت فيه أنصع صور الطهر والعبادة والعلم تعلم الإمام الهادي (ع) ودماء النبوة تجري في عروقه، فحاز على مراتب العلم وبرز فيها، ولم يدركه أحد، وعرف آباؤه وأعمامه فضله على ماهم عليه من العلم فقدموه عليهم وبايعوه بالإمامة وعمره خمس وثلاثون سنة.
Page 175