Al-tarbiya fī al-Islām: Al-taʿlīm fī raʾy al-Qābisī
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Genres
منه، فيمنع منه مانع، وهو حاظر في الفاعل، فالدية فيه على العاقلة، كالمأمومة والجائفة إذا تعمدتا. وما الوجه فيما أشكل من زيادة المعلم إلا أن يكون في ماله. والله أعلم.
قال سحنون: وإن كان المعلم لم يل الفعل [91-أ] وإنما وليه
82
غيره بأمره، كان الأمر على المعلم كما فسرت لك، ولا شيء على المأمور. فإن كان - يعني المأمور - بالغا، فمن أصحابنا من رأى الدية على عاقلة الفاعل، وعليه
83
الكفارة، يعني على الفاعل. ومنهم من رأى الدية على عاقلة المعلم، وعلى الفاعل الكفارة. والله أعلم.
وأما سؤالك عما وجب في ذلك من الدية على العاقلة كيف الأمر فيها، وليس بجارية عندنا، ولم تبين لم لم تكن جارية عندكم، فإن كنت ترى أنه ليس لكم عواقل مضبوطة، ولا تقدرون أن تحيطوا بذلك، ولا تعرفوه، فإن القول فيمن لا عاقلة له، أن جنايته في بيت مال المسلمين، وعلى الجاني في قتل الخطأ عتق رقبة.
وإن كنت تريد أن الحكم بها ضيع عندكم، وأما العواقل فمعروفة، فاعلم أن المعاقلة إنما كان أصلها في العرب [91-ب] لحملها فخذ الجاني إن أطاقوا ذلك، وإن لم يطيقوه ضم إليهم أقرب الأفخاذ إليهم، ثم الأقرب إليه، فإن فرغت القبيلة، ولم تطق حمل الدية فتضم إلى القبيلة أقرب القبائل منها. وكذلك جرى في الإسلام أمرهم. وإنما تضم إلى هذه العاقلة من يحمل معها ممن وصفنا، من كان إقليمه الإقليم الذي فيه الجاني لأن ديوانهم واحد، ليس بضم المصري إلى الشامي، ولا إلى الإفريقي. فإن ضبطتم عواقلكم، وصحت عندكم، وثبتت لديكم، فهكذا يكون انضمام الأفخاذ والقبائل في حمل العاقل، ليس بضم إلى فخذ الجاني ولا إلى قبيلته من هو في جواره، إذا كان نسبه غير نسبه. وكذلك لا يضم إليه من كان من نسبه إذا كان إقليمه من غير إقليمه. فافهم ما وصفت لك، واستعن بالله.
وأما قولك: [92-أ] وهل ينبغي للرجل أن يؤدي ما وجب عليه، يعني من الدية إلى أولياء المقتول، ويكون بها بريئا في الدنيا والآخرة، فإن الرجل الذي يفعل هذا منصف من نفسه، ولا يلزمه إلا ذلك، لو ودت
84
Unknown page