252

Al-tarbiya fī al-Islām: Al-taʿlīm fī raʾy al-Qābisī

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

Genres

المكان الذي صار إليه لا مضرة فيه على الآتين منه، ولا مشقة، ولا خوف، وقد يكون الصغير من الصبيان أن يعنته ذلك أو يكلف أهله مئونة تضر بهم وتشغلهم، فإن لم يكن من ذلك، لم يمنعوا من انتقال من هذه صفته، فإن كان فيه مضرة على واحد منهم ممن أبى منه، لم يكن له التحول عن مكان على التعليم فيه وقعت الإجارة، يرفق من كان له الرفق فيه واجبا، وإلى مكان يضر به وهو ...

79

وأما إن مات المعلم فالإجارة منفسخة، لا يستأجر من ماله من يعلم مكانه، وله من الإجارة بحساب ما علم من الأجل، ومن جعل الختمة بمقدار ما علم من القرآن حسب ما تقدم [87-ب] تفسيره؛ وكذلك إذا مات الصبي سواء، إنما للمعلم من الإجارة بحساب ما علم، وكذلك من جعل الختمة.

وأما إذا مات أبو الصبي فلا تنفسخ الإجارة، ولكن إن كان لم يقبض المعلم شيئا فهو يأخذ من تركة الميت حساب ما مضى، وما بقي من الأجل فيما ينوبه، يؤخذ من مال الصبي إن كان له مال ورثه من أبيه، أو من غير ذلك، وإن كان لم يكن للصبي مال، فللمعلم أن يفسخ الإجارة، إلا أن يشاء أن يتطوع للصبي بذلك، ولا يتبعه بشيء رجاء أن يتيسر. هذا لا يلزم الصبي، وإن أبى المعلم من التطوع، فتطوع غيره من أولياء الصبي، أو من غيرهم، بأن يدفع ذلك للمعلم، ثبتت الإجارة ولم تفسخ، والله ولي التوفيق.

وأما سؤالك عن صبي أدخله أبوه الكتاب بغير شرط، هل يلزمه ما يلزم صبيان الكتاب؟ وربما [88-أ] كان الشرط يختلف؛ وعن يتيم رمى نفسه في الكتاب، فهل يؤخذ منه مثل ما يؤخذ من غيره؟ قال أبو الحسن: إن كان لليتيم مال لزمه في ماله مثل ما يؤدي من هو مثله، وكذلك الأب يؤدي عن ابنه مثل ما يؤدي مثله، وذلك هو إجارة المثل، اختلف الشرط أو لم يختلف. إنما يحتاج إلى ذكر اختلاف الشرط عن إسلام الصبي للكتاب، فيقال له: نؤدي إليك كما تأخذ من غيرنا في الشهر. فهنالك ينبغي ألا يعقد على هذا الإجارة، حتى يبين كيف أخذه من الصبيان على اختلافه. وأما إن كان ليس لليتيم مال، فعلمه المعلم، فليس له عليه أجر، هو متطوع في ذلك، ليس له أن يتبعه به. وأما إن أتت بالصبي أمه إلى المعلم أو غيرها من الناس ، فسأله تعليمه، فهو المطلوب [88-ب] بإجارة التعليم إن كان ليس لليتيم مال، إلا أن يبين الذي جاء به المعلم أنه ليس له مال، ولا له من يؤدي عنه، فحينئذ ليس للمعلم أن يطلب منهم إجارة.

وأما قولك في المعلم: كيف يشارطهم؟ فقد تقدم في نصوص المسائل شرح ذلك عن مالك وعن غيره؛ وشرطكم الذي ذكرت أنه يقع على الغنم، فإذا كانت الغنم مؤجرة لم يجز إلا أن تكون مضمونة، على صفة معلومة، إلى أجل معلوم، يجوز في مثله السلم، مثل ما إذا أوجر نفسه بها في خدمة، وشرع في العمل؛ وكذلك المعلم إذا شرع في التعليم، أو كانت إجارته أجلا معلوما، فإذا حل أجل الغنم، جاز أن يقبض من المعز ضأنا، ومن الضأن معزا، وأما إذا لم يحل الأجل، لم يصلح أن يأخذ غير شرطه، كما لا يصلح في البيوع. وكذلك لو استأجر [89-أ] نفسه بطعام مضمون، أو بطعام بعينه على الكيل، لم يجز له أن يبيع شيئا من ذلك حتى يستوفيه.

وأما سؤالك عما يتعدى به المعلم في ضرب الصبي، فترقى إلى ما هو أكثر من الضربة، فهذا إنما يقع من المعلم الجافي الجاهل، وقد قدمت لك نهي المعلم عن ضرب الصبي وهو غضبان. والضرب على التعليم إنما هو لخطأ الصبيان، فما يصلح أن يضربهم به إنما هي الدرة، وتكون أيضا رطبة مأمونة، لئلا تؤثر أثر سوء. وقد أعلمت أنه يجتنب ضرب الرأس والوجه، فما لهذا يضرب بالعصا واللوح. قال في كتاب ابن سحنون: سئل مالك عن معلم لو ضرب صبيا ففقأ عينه، أو كسر يده، فقال: إن ضربه بالدرة على الأدب، وأصابه بعودها فكسر يده، أو فقأ عينه، فالدية على العاقلة،

80

إذا فعل ما يجوز. [89-ب] فإن مات الصبي فالدية على العاقلة بالقسامة، وعليه الكفارة. فإن ضربه باللوح أو بعصا فقتله، فعليه القصاص؛ لأنه لم يؤذن له أن يضربه بعصا، ولا بلوح. قال أبو الحسن: إنما كانت الدية على العاقلة في الذي أصاب الصبي بعود الدرة، من قبل أن ضربه بالدرة للصبي جائز، فمصادفة عود الدرة الصبي لم يقصد إليه المعلم، وكان خطأ، وكانت فيه القسامة إن مات، من قبل أنه إنما يعلم بإقرار المعلم على أحد الأقاويل، ولو حضره شاهدان، ومات في مقامه، ما كانت فيه قسامة، وكانت الدية على العاقلة. وأما العصا واللوح فقصد إلى ضرب الصبي بهما تعد منه فليس له عذر أكثر من أنه غضب فتعدى الواجب، فاستأهل القود، وهو مأخوذ بإقراره في ذلك [90-أ] فلا قسامة فيه. وقد قال سحنون: إذا ضرب المعلم الصبي ما يجوز له أن يضربه، إذا كان مثله يقوى على مثل ذلك، فمات أو أصابه منه بلاء، لم يكن على المعلم شيء غير الكفارة إن مات؛ وإن جاوز، ضمن الدية في ماله مع الأدب؛ وقد قيل على العاقلة مع الكفارة. فإن جاوز الأدب فمرض الصبي من ذلك فمات، فإن كان جاوز بما يعلم أنه أراد به القتل أقسموا، وقتلوه به الأولياء. وإن كان لم يجاوز بما يرى أنه أراد به إلا على وجه الأدب، إلا أنه جهل الأدب أقسم الأولياء، واستحقوا الدية قبل العاقلة، وعليه هو الكفارة. قال أبو الحسن: تفسير حسن. وقوله فيما يصيب الصبي مما للمعلم أن يوجبه به: لا شيء على المعلم غير الكفارة إن مات، [90-ب] معناه أن المعلم ضرب الصبي ثلاثا بالدرة، أو أكثر من ذلك، لاستئهاله إياه، وطاقته عليه، ولم يتجاوز الواجب في صفة الضرب. فمن أجل ذلك لم يكن فيه غرم، كالذي يموت من جلد وجب عليه في حد فهو هدر قتيل الحق. وأما إذا جاوز أدبه الواجب من الأدب عن غلط بين، كان هو الذي تحمله العاقلة. وإن كان في مجاوزته إشكال، فالدية في ماله، ويحتمل أن تكون على العاقلة، إذ كل شيء يستطاع القود

81

Unknown page