Tarbiya Fi Islam
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Genres
والعلوم المتعارفة بين أهل العمران على صنفين؛ علوم مقصودة بالذات كالعلوم الشرعية والطبيعية والإلهية؛ وعلوم آلية ووسيلة لهذه العلوم، كالعربية والحساب وغيرهما للشرعيات، والمنطق للفلسفة. وينبغي أن يوجه الاهتمام إلى علوم المقاصد أكثر من وسائلها، ولهذا يجب على المعلمين لهذه العلوم الآلية أن لا يستبحروا في شأنها.
56
والقرآن هو أول العلوم التي يتعلمها الصبي؛ لأن تعليم الولدان للقرآن شعار من شعار الدين، أخذ به أهل الملة، ودرجوا عليه في جميع أمصارهم، لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان ... وصار القرآن أصل التعليم الذي ينبني عليه ما يحصل به بعض من الملكات. «وسبب ذلك أن تعليم الصغر أشد رسوخا، وهو أصل لما بعده.»
57
وهذا مما أخذ به جميع المفكرين في الإسلام.
ثم ذكر ابن خلدون بعد ذلك اختلاف الأمصار في الشرق والغرب في طريقة التعليم وما يبدءون به الصبي من العلوم المختلفة كما ذكرنا من قبل.
58
وعقد ابن خلدون فصلا عن ضرر الشدة بالمتعلمين، يدل على بصر شديد بعلم النفس، لأن: «من كان مرباه بالعسف والقهر، سطا به القهر، وضيق على النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها، ودعا إلى الكسل، وحمل على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الأيدي بالقهر عليه.» وهذا شبيه بما يذكره علماء التحليل النفساني المحدثون في وجود عقدة نفسية كامنة في اللا شعور هي التي تحرك أفعال المرء.
والعسف يفسد في الصبي معاني الإنسانية، فيفقد الحمية المدافعة عن نفسه، ويصير عيالا على غيره.
لذلك ينبغي للمعلم في متعلمه، والوالد في ولده، ألا يستبدوا عليهم في التأديب.
Unknown page